نبذة عن حياة الشهيد الشاعر محمد بن محمود بن ناصر زغموت 1916 – 1948:
إعداد نضال حمد وموقع الصفصاف – وقفة عز:
بمناسبة ذكرى معركة الصفصاف والمجزرة التي حصلت فيها والتي تحل هذا اليوم 28-10-2022 أنشر هذا النص عن شاعر صفصافي شهيد، كانت له جولات وصولات ومساجلات في ميادين الشعر. فالتاريخ الصفصافي يذكره كشاعر للبلدة وسيذكره دائماً كأول شهيد سقط في معركة الصفصاف. رحمه الله والمجد له ولكل شهداء الصفصاف وفلسطين الكاملة.
من المعروف أنه كان لكل بلدة في فلسطين شاعرها وشاعر الصفصاف حتى سنة النكبة كان الشهيد محمد بن محمود بن ناصر بن زغموت .. وهو بالمناسبة أول شهيد سقط في معركة الصفصاف يوم 28-10-1948 حيث قصفته طائرة معادية في الحرش بين الصفصاف والجش وكان متوضئاً بغية قيام صلاة العصر… استهدفته الغارة وهو في طريقه من الصفصاف الى بلدة الجش المجاورة لتفقد لاجئين فلسطينيين قدموا الى هناك من بلدات مجاورة في الجليل، هذا بعدما سقطت بلداتهم بأيدي العصابات اليهودية الغازية.
عن هذه الشهادة حدثني الأستاذ غازي الزغموت – أبو سامر- فأوضح لي التالي: ” كان رحمه الله أول الشهداء في الصفصاف نتيجة قصف طيران العدو وذلك بعد عصر 28 تشرين الأول سنة 1948… وتم نقله إلى قرية الجش لإسعافه ولكن قدر الله قد سبق فرحمة الله عليه وعلى جميع أموات المسلمين”.
عن هذه الحادثة في شهادتهيما لموقع الصفصاف – وقفة عز قال المرحومان والدي محمد أحمد حمد – أبو جمال حمد- والعم محمد العبد حمد- أبو غازي حمد – أنهما عصر ذلك اليوم شاهدا الطائرة المعادية كيف أغارت على البلدة وقصفت المكان الذي كان يتواجد به الشهيد. حيث كانا يومها يصطادان العصافير والطيور على سفح جبل الجرمق.
ولد شاعرنا الشهيد سنة 1916 وهو البكر من أبناء المرحوم محمود ناصر الزغموت وكان متعلماً ومحبوباً ومثقفاً ومفوهاً ويتقن الشعر. عن ثقافة وولع عمه الشهيد بالأدب والقراءة قال لي الأستاذ غازي زغموت: ” لقد أخرجنا معنا من الصفصاف الى سوريا بعض كتبه والتي لا أزال احتفظ بها، منها كتاب “جواهر الأدب للسيد الهاشمي” وهو كاتب مصري والكتاب في جزئين وأكثر من 800 صفحة… كذلك كتاب “مقدمة بن خلدون” وكتاب “عظماء التاريخ” وكتاب “البستان” ولقد حفظت بعض أبياته التي كان يرددها على مسمعي والديّ رحمه الله.”.
في هذا الصدد أنا أيضاً قضيت طفولتي في مخيم عين الحلوة وأنا أسمع يومياً امرأة عمي سهام الزغموت أصغر شقيقات الشاعر الشهيد، وزوجة المرحوم عمي علي أحمد حمد – أبو حسين – وهي تحلف بحياة شقيقها الشهيد. كانت تقول ” وروح محمد المحمود وخاتم سليمان بن داوود”. كما كانت كثيرة الغناء والانشاد تردد العتابا والميجنا ومنها ربما ما كان ينشده شقيقها الشهيد. ويجب أن أذكر هنا بأن صوتها جميل ويدخل الأذن بشكل شاعري وهو فعلاً قريب من القلب.
كان للمرحوم الشاعر محمد محمود ناصر الزغموت صداقات مع معلمي بعض القرى التي حول بلدة الصفصاف. فقد كان شاعراً شعبياً يُدعى إلى الأعراس والمناسبات في قرى الجليل مثل قرية عكبرة والجاعونة وبيت جن (قرية درزية ملاصقة للصفصاف)… وكان عندما يحضر الى أعراسهم فعندما يريدون تقديم وليمة له يقولون له: “أبا محمود قُم لذبيحتك ويذبحها بيده رحمه الله”..
هذا وكان للشاعر الشهيد برنامج في “إذاعة القدس” الساعة الثانية ظهراً مدته ربع ساعة تحت عنوان “أغاني ريفية”.. أكد لي الأستاذ غازي زغموت – أبو سامر أن لديه وصلان من تسجيلاته في تلك الإذاعة وفي احدى الأعراس التي تمت في قريتنا الصفصاف، تحت غابة أشجار الكينيا على البيادر وعدد الأشجار كان حوالي عشرين شجرة عملاقة. فشاعرنا الشهيد ركب على الفرس لأن صف الناس كان طويلاً وهو ينشد أبيات العتابا و”يا حلالي يا مالي” وغير ذلك من الأهازيج.. ويضيف الأستاذ غازي: “ولقد أركبني خلفة على الفرس في ذلك العرس رحمه الله”.
واضح من أقوال أستاذنا غازي زغموت بأن عمه الشاعر الشهيد كان ميسور الحال نسبياً حيث ترك خلفه دفتر جيب صغير مذكور فيه الأشخاص الذين كانوا يستدينون منه النقود. كما وجد أستاذنا في الدفتر معلومة تقول “بأن جدهم خليل الزغموت والده ووالد آل حمد يسمى سويد”… ولازال الدفتر موجود لدى أستاذنا.
كما يذكر الأستاذ غازي من طفولته في الصفصاف أن عمه الشاعر كان يُؤذن أحياناً في المسجد، فيتسلق شجرة البلوط أمام الجامع ثم يصعد الى سقف الجامع ويرفع الأذان. كما وأستحضر أستاذنا أبو سامر زغموت بعض ما يتذكره من مساجلات عمه الشهيد مع شعراء الزجل من القرى المجاورة.. لكنه لا يعرف عن أسمائهم. ويضيف الأستاذ غازي ” كان أحياناً يكون السجال بهدوء واحترام وأحياناً يحتد الأمر بينهم فيصيبون بعضهم بالكلام وأذكر بعض ذلك عندما قال المرحوم لأحد الشعراء:
أنا لي رب في العلياء ناصر”
أنا محمد إبن محمود ناصر
عوايدي في اللقا دوس الرقاب”.
رحم الله الشهيد الشاعر محمد بن محمود بن ناصر الزغموت وكل شهداء الصفصاف وفلسطين والأمة.
نضال حمد في 28-10-2022