محمد نايف الحاج حسن (أبو نايف) في ذكرى وفاته الخامسة – نضال حمد
في 22-3-2018 تحل الذكرى الخامسة لرحيل الأخ والصديق أبو نايف الحاج حسن.
في 22-3-2018 تحل الذكرى الخامسة لرحيل الأخ والصديق أبو نايف الحاج حسن.
في النصف الثاني من شهر مارس – آذار سنة 2018 فقدت أخاً عزيزاً وصديقاً صادقاً صدقني وصدقته في مناسبات كثيرة ومحطات عديدة عشناها معاً في أوسلو بالنرويج. هناك عشناها بحلوها وبمرّها مع إخوة وأصدقاء آخرين، بعيداً عن مخيمينا عين الحلوة والمية والمية. وبعيداً عن بلدتينا الصفصاف وشعب في الجليل الفلسطيني المحتل، فالصفصاف بلدتي أما شعب فهي بلدة أخي أبو نايف الحاج حسن.
تعرفت الى الراحل محمد نايف الحاج حسن في أوسلو بعدما كنت في يوم وصولي الى النرويج في 22 شباط 1992 على ما أذكر، تعرفت على شقيقه أخي وصديقي أبو مهدي – سليم نايف الحاج حسن، حيث كنت وإياه نقيم في ضيافة الأخ الكبير والصديق الشهم والوفي “أبو سهيل” وأيامها كان لسه لقبه “أبو ليلى”، هذا قبل ولادة نجله سهيل وإخوته. كان أبي سهيل يسكن في بلدة جميلة إسمها “ساندفيكا” تقع بالقرب من أوسلو ولم تكن بعيدة كثيراً عن معسكر “تانوم” للاجئين، حيث كنا أنا وسليم وآخرين وغالبية اللاجئين مسجلين فيه بانتظار نقلنا الى مخيمات أخرى. فمعسكر “تانوم” أولي يتجمع فيه اللاجئون ثم ينقلون فيما بعد الى مدن ومناطق فيها مخيمات أخرى تمتد على كافة الأراضي النرويجية الشاسعة.
المرحوم أبو نايف دخل أوسلو عبر بوابة إبن شقيقته وزوج ابنته أخي وصديقي عماد زيدان، وسرعان ما دخل منظومتنا الجاليوية الفلسطينية في ذلك الوقت، يعني دخل في ” سيستم” العلاقة مع مجموعة كبيرة من أبناء الجالية الفلسطينية في النرويج التي كنت رئيساً لهيئتها الإدارية” في تلك السنوات.
تطورت مع الأيام علاقتي وصداقتي به وكنا يوميا تقريباً نلتقي في مطعم كرمل للصديق والأخ الشهم والفلسطيني “القُحْ”، زياد أبو يونس – أبو يونس- إبن بلدة “يبنا” ومخيمها في رفح بغزة. أما زياد أيضاً فكان ولازال من أوائل أصدقائي الفلسطينيين في أوسلو وبالنرويج.
كنا نلتقي يوميا في مطعم “كرمل” وكان اللقاء يحلو ويصبح أجمل بحضور أصدقاء آخرين، قدامى وجُدُد منهم المرحوم ألفرد عودة، الذي غادرنا في وقت لاحق. وألفرد كان من خيرة الشباب والأصدقاء والإخوة الفلسطينيين في النرويج وفي أوسلو. لا زلت احتفظ بصور جمعتني بالراحلين أبو نايف وأبو يعقوب – ألفرد عودة – في كرمل بالذات وفي تظاهرات لفلسطين جرت بالنرويج.
كان صديقي أبو نايف من خيرة رفاق الغربة…
أذكر ذات يوم وكان أبي نايف جديداً في النرويج ولم يمضِ سوى أسابيع قليلة على وصوله إلى أوسلو من أبي ظبي حيث قضى عمره مقيماً على كفالة مواطن إماراتي لأن القوانين هيك في دول الخليج. بينما في النرويج حصل فوراً على الإقامة ثم على إقامة دائمة فجنسية بعد ثلاث سنوات، فصارت له حقوق وواجبات مثل ملك النرويج وملكتها وكل مواطنيها ومنهم رئيس وزراءها الذين لي معه ومع أبي نايف قصة قصيرة طريفة جداً وهي:
ذات يوم كان أبي نايف يجلس في المقعد أمامي معي بسيارتي وكنا متجهين الى مطعم كرمل ونبحث عن مكان لرجن السيارة. مررنا بطريق يؤدي الى ساحة “يونغستوريغت” ساحة التظاهرات والاعتصامات قرب مقر نقابات العمال والأحزاب وخلف مجمع الوزارات ومجلس الوزراء الذي فجره الارهابي العنصري اليميني المتطرف بريفيك في 22-7-2011. كانت أمامي سيارة سوداء مرسيدس عرفت أنها سيارة حكومية رسمية، وكان السائق متردد وأطال تردده قليلا، فأعطيته إشارات ضوئية ثم “زمرت له” مع أن الزامور ممنوع في أوسلو. السائق كان حائراً فعلي اليمين ممنوع الدخول الى الساحة وعلى اليسار ممنوع الدخول لأنه شارع “تورغاته” وهو شارع للمشاة وأمامه على اليسار يوجد موقف للمعوقين وهو الموقف الذي كنت أنا أقصده لركن سيارتي. في النهاية توقفت السيارة المارسيديس وترجل منها شخصان (عرفت أحدهما) وسارا بإتجاه شارع تورغاته، بينما تابع السائق البحث عن مكانٍ لركن سيارته. في حين أنني ركنت سيارتي على موقف المعوقين. في ذلك الوقت قلت لأبي نايف هل تعرف من هو الشخص الذي ترجل من السيارة ومشي على أقدامه مع رجل آخر وبدون مرافقين؟ قال لا، لا أعرفه.. قلت له هذا ينس ستلتنبيرغ رئيس وزراء النرويج. تعجب أبو نايف وصفن قليلاً وكان “بدو يطلع سيجارة ويشعلها” فتذكر أن التدخين ممنوع في سيارتي.. نظر إلي وقال لي ..هذا رئيس الوزراء وأنت نازل تزمر لسيارته… وضحك ضحكته المعهودة ونظر نظرته المشهودة.. وقال لي: والله لو كنا في بلد عربي والذي أمامنا ضابط شرطة أو جيش وليس وزيراً ولا رئيس وزراء وقمت بالتزمير له لكنا أنا وأنت إختفينا في غمظة عين… وهذه كانت أول حصة في الدروس النرويجية التي تلقاها صديقي أبو نايف الحاج حسن ابن بلدة شعب ومخيم المية ومية. أما ينس ستلتنبيرغ بعد أن ترك رئاسة الوزراء ورائسة حزب العمال في النرويج أصبح رئيساً لحلف الناتو ولازال رئيسه في هذه الأيام ويتحدث كصقر حربي أمريكي فيما يخص روسيا وأوكرانيا والحرب الدائرة هناك.
رحل الفلسطيني محمد نايف الحاج حسن وهو ينتظر العودة الى الجليل وكل فلسطين… افتقدناه وافتقدنا الجلسات اليومية الجميلة والحميمة. كما افتقده كل الذين أحبوه من الاخوة والأصدقاء في أوسلو وفي مطعم الكرمل الفلسطيني، الذي كان المكان المُحبب والمُفضل لأبي نايف..
لروحك السلام والخلود … ولعائلتك وأهلك وأقاربك وأحبابك مرة أخرى كل التعازي يا صديقي الكبير أبو نايف..
نضال حمد
1 آذار 2023