نعم…الصين ركضت إلى سوريا فهل تركض سوريا لنفسها! – عادل سماره
إستغرب بعض الأصدقاء تغريدة كتبتها بهذا المعنى عشية دعوة الصين للرئيس الأسد.
كانت دعوة الصين للرئيس الأسد عاجلة وفورية ولهذا دلالات عدة الواضح منها تنافس الصين والهند ضمن بريكس وهذا طبيعي ولا يقلل من تماسك بريكس الذي لا يزال ” تنافس ديمقراطي”. فالمركز الإمبريالي بينه علاقة تنافس/تآخي اللصوص. حتى الآن بريكس لم يتخذ صفة اللصوص ولكنه ليس فاعل خير أو محسن كريم. فالكتلتين تسودهما علاقات راسمالية في التبادل وحتى في البنية الآقتصادية الداخلية باستثناء تميز نسبي للصين حيث يتداخل من حيث نمط الإنتاج:
· إقتصاد الخطة الاشتراكية بخصائص صينية.
· واقتصاد السوق أي القطاع الراسمالي.
وتتداخل التحالفات الطبقية بين:
· برجوازية عالية الثراء
· وطبقة عاملة عالية الخبرة اشتراكية التوجه والانتماء القومي
وتتداخل المسألة الإيديولوجية بين:
· سلطة شيوعية تعود وإن تدريجيا إلى الماوية بمضمون قومي
· وطبقة راسمالية منتجة وفاسدة.
من نافل القول أن الصينيين لم يقرؤوا الواقع السوري أو لم يقارنوه بوضع الصين عشية الانتصار الثوري على ارضية خراب وتخلف وتاريخ من الإذلال الإمبريالي قبيل بداية الثورة الشيوعية وحتى عشية انتصارها 1949.
وبالمقابل، فالاقتصاد السوري خليط بين محاولات إشتراكية حافظ الأسد ولبرالية السوق الاجتماعي في عهد الرئيس بشار الأسد، وفي سوريا شريحة قوية من الفاسدين يُمسكون بخناق الشعب وحتى بالتجارة الخارجية، وفي سوريا حزب البعث الاشتراكي سابقاً والمترهل حالياً، وفي سوريا تراث قومي عروبي يمتد عميقا حتى الأمويين. وسوريا كما الصين تتعرض دائماً لاستهداف الغرب الإمبريالي.
لا شك أن الصين قرأت هذه اللوحة ورأت التشابه بين البلدين مما يعني أن الممر الهندي كان الحافز الذي قطع الخطوة الأخيرة من الصين باتجاه سوريا.
يحتاج هذا التوجه إلى راس سوري شبيه بالراس الصيني شي جينبينغ.
أنا لا اعرف الرئيس السوري، وما أعرفه من رفاق أنه الأكثر وطنية وتقدمية وثباتا في النظام. وربما اخذ عبرة من تجربة السوق الاجتماعي اي السرطان الذي فرضه الدردري على سوريا فكان مقدمة طبقية اقتصادية للاستشراق الإرهابي .فهل سيعمل الأسد بنهج شي جينيبينغ الذي رد التوجه الصيني للاقتراب من الماوية؟
من جهة ثانية، هل يمكن تصور التوجه الصيني إلى سوريا بعيدا عن تنسيق صيني روسي؟ وهل لا تلاحظ الصين أن انفتاحها على سوريا هو حرب إقتصادية ضد أعداء سوريا سواء الترك أو الكرصهاينة أو شراذم الانفصال أو الإرهابيين العرب قوى وأنظمة أو الكيان وامريكا في التحليل الأخير؟ فهل انفتاح الصين يعني سنداً إقتصاديا لروسيا التي تدعم سوريا عسكريا وتقاتل الغرب في أوكرانيا؟ وهل يُعقل أن هذا لا يُشغل امريكا التي تحاول فصل سوريا عن العراق؟
ليس من قبيل التخيُّل أن العلاقات الاستراتيجية بين الصين وسوريا وبين الصين والعراق وتحديداً الحزام والطريق هي خيط توحيدي قاعدي بين سوريا والعراق؟ وهذه المرِّة على يد الصين وهو رد على محاولات احتلال امريكا لمنطقة التنف والبوكمال…الخ.
نصل هنا إلى الطبعة الاستشراقية الإرهابية إقتصادياً اي مواجهة قانون قيصر كإرهاب إقتصادي ضد سوريا ليس أمريكيا وحسب بل ايضاً عربياً. ينعكس كمواجهة للحرب الاقتصادية الأمريكية العربية ضد سوريا. وهنا علينا الانتباه إلى أن الحرب الإرهابية الإقتصادية ضد العراق سابقاً ثم سوريا هي خاصة ضد العرب في كونها حرب اجتثاث شعب.
لكّ هنا أن تبتسم استغراباً، فالبعث في القطرين قالا ضد بعضهما اكثر مما قال مالك في الخمر! لم يوحدا القطرين. وأن تبتسم استغراباً، أن داعش حاولت توحيد القطرين على طريقتها الإرهابية “الدولة الإسلامية في العراق وسوريا. فداعش تختلف عن القاعدة في امرين:
· تهدف إقامة دولة بدل أن تكون كتلة إرهاب يجري نقله من مكان لآخر أي تتحرَّك ولا تُحرَّك من سيدها الغربي.
· وتهدف الاعتماد على نفسها اقتصادياُ ولذا لا بد من الاستدوال.
هل تغير توجهها بعد إسقاط دولتها، غالباً نعم.
التوجه الصيني بالحزام والطريق إذن يؤسس لبداية وحدة سورية عراقية على ارضية مادية إن حصلت يصعب تفكيكها، وهذا الاختلاف بين وحدة قرار الراس السياسي والعاطفي الشعبي ووحدة القاعدة المادية.
إن اي تكتل سوري عراقي هو الضمان لبقاء البلدين، بل الضمان الوحيد تجاه اي خطر طالما مصر في حالة تهبيط مستمر بالكاد تُنقذ نفسها فكيف تحمي غيرها كما فعلت 1956 حين حاولت تركيا العدوان ضد سوريا.
حتى الآن نعتقد أن الصين أتت إلى سوريا بمشروع عملي يبدأ من الصين ، باكستان، الخليج العربي ، العراق ، سوريا، المتوسط ، فاليونان وإيطاليا …الخ. فالصين ضمنت ميناء هاماً في اليونان منذ أكثر من عشر سنوات، وستُنهي إيطاليا تغنجها تجاه الصين.
هذا الطريق يحرر العراق من الانحصار فقط في الربط السككي مع إيران ويُنقذ ميناء الفاو العراقي ويلجم أطماع إمارة الكويت الأمريكية على الخليج ويعطي العراق فرصة علاقات اكثر توازنا مع إيران لأنه أصبح أكثر تماسكاً مع سوريا والأمر كذلك في حالة سوريا مع إيران.
وهذا يقود بالطبع إلى تعرية توجهات الإمارات والسعودية في التطبيع مع الكيان ويؤسس لكتلة عربية تتجة شرقاً وكل توجه شرقي هو أقرب إلى العروبة، وقد يُقلل من تقبُّل الصين للغزل الصهيوني. فالدول مصالح، وبالتالي اي توجه عربي شرقاً هو حجر عثرة في طريق الكيان ودرجة من لجم الصين أو روسيا في علاقاتهما بالكيان، لأن القاعدة الدولية: اين المصلحة الأكبر والاستراتيجية ايضاً. وهذا ما حاولته مصر الناصرية مع الاتحادالسوفييتي سابقاً.
ويبقى السؤال اخيرا، كيف ستشتغل سوريا؟
هل سيلعب النظام دور النظام الصيني بمعنى، دع الفاسد يربح بشرط أن يتحول إلى فساد إنتاجي. ولعل هذا الدرس أخذته الصين من كوريا الجنوبية حيث الفساد حميداً بمعنى طالما يستغل وينهب ويستثمر داخل البلد، دعه يفعل؟
هل سيتم تطويع الفساد ام سيقاتل الدولة؟
هذا التحدي الذي ننتظر نتائجه.