كتائب القسّام تمثلنا وسرايا القدس.. وأبوعلي وكل من يقاوم – رشاد أبوشاور
بكلمات واضحة حاسمة لا لبس فيها، مكتوبة بالدم العربي الفلسطيني، دم الأطفال والأمهات والآباء، ومن قبل ومن بعد بدم المقاتلين، الفدائيين، المقاومين، المجاهدين، أبناء فلسطين، من قبل أكثر من مائة عام، منذ بدأت الغزوة اليهودية الصهيونية على فلسطين، تسريبا وعلنا دشنتها بريطانيا التي انتدبت نفسها على فلسطين، سواء بوعد بلفور، أو بالاستحواذ عليها وفقا للتقسيم بينها وبين فرنسا المجرمة..من هبّوا وصعدوا الجبال مثلونا، وأسسوا للمقاومة التي تواصلت قبل النكبة وبعدها، وبعد هزيمة حزيران ال67 لثلاثة جيوش عربيّة، ضاع بسببها كامل فلسطين، والجولان، وكل سيناء..فكانت العاصفة.
في فلسطين بدأ أجدادنا بمقاومة الانتداب البريطاني الذي أسفر عن وجهه الاستعماري الراعي للمشروع الصهيوني وزرعه في فلسطين، وعيّن هربرت صموئيل اليهودي الصهيوني حاكما عاما على فلسطين مستبدا وضامنا يبقى ويدوم ويضمن هيمنة بريطانيا على مصر ومصالحها شرقا في الهند…
كان أجدادنا يوصفون بالمجاهدين، وواجهوا مخططات المندوب السامي البريطاني اليهودي الصهيوني الذي أوكل بتنفيذ المخططات البريطانية الصهيونية، بتسريب الأراضي لليهود، و(وضع أسس للدولة) اليهودية بجيشها، وكل ما يضمن اكتمالها وثباتها، واستمر بتنفيذ المخطط التدميري للزراعة في فلسطين بهدف إفقار المزارعين، وزج المئات في السجون بحجج العجز عن دفع الضرائب الثقيلة على ظهورهم، طيلة خمسة أعوام منذ 1920 حتى العام 1925، هي مدّة حكم اليهودي الصهيوني المجرم هربرت صموئيل.
إلى فلسطين وفد المجاهد عز الدين القسام الثائر العربي السوري من بلدة (جبلة) بعد أن أدى دوره مجاهدا ثائرا على الاستعمار الفرنسي، وكان قد أدرك خطورة دور الإنقليز على قلب الوطن العربي فلسطين، وحدد أن الإنقليز والصهيانة لن يقتلعوا من أرض فلسطين إلاّ بالجهاد وحمل السلاح، وأن معركة الأمة يجب أن تشتعل في فلسطين، التي إليها يفترض أن يتدفق المجاهدون من كل الوطن العربي الكبير.
عمل الشيخ القسام داعية متنقلاً، وهذا ما سهل له القيام بالدعوة والتحريض وتعميق التعرّف جغرافيا واجتماعيا بعرب فلسطين، وفي تنقله اجتذب بعض النابهين الناشطين وعمّق في قلوبهم وعقولهم الوعي بالجهاد وحمل السلاح، والنشاط بين الناس بانتظار اللحظة المناسبة، مع السريّة والكتمان في نشاطهم حذرا من مراقبة الإنقليز وعيون اليهود وانتباههم.
انطلق الشيخ القسام من مسجد الاستقلال في حيفا الذي عُيّن خطيبا له، وتوجه مع بعض أنصاره ومريديه إلى أحراش يعبد، وذلك للتدرب على السلاح، وتصادف أن اكتشفتهم داورية إنقليزية تطارد بعض من تصفهم (بالأشقياء) فاضطر الشيخ ورجاله للاشتباك مع الجنود الإنقليز الذين اكتشفوا تواجدهم، وكانت كلماته التي هي بمثابة وصية تبقى أبد الدهر لكل مجاهد ومقاوم وثائر: هذا جهاد نصر أو استشهاد، موتوا شهداء، واستشهد مع رجاله، بعد قتلهم لعدد من الجنود الإنقليز.
بعد سنة،عام 1936، انطلقت ثورة فلسطين الكبرى، وامتدت حتى العام 1939، وبات الشيخ الثائر العربي السوري رمزا عربيا وإسلاميا وقدوة كبيرا.
حمل الجناح العسكري لحركة حماس اسما دالاً ورمزا له: كتائب القسّام، والحقيقة أن كتائب القسّام بقيت بعيدة عن الممارسات والخلافات السياسية، واحتفظت بوصية رمزها الشيخ عز الدين، فهي تقاوم، ويعتنق رجالها الوصية سلوكا وفكرا: هذا جهاد نصر أو استشهاد،موتوا شهداء، وهو شعارهم لتحرير فلسطين، وواضح أنهم انشغلوا بتنفيذ شعارهم لتحقيق هدفهم الكبير الجليل، بصمت، وكتمان وسريّة،كما كانت حركة الشيخ منذ انطلاقها.
ما حدث يوم 7 تموز هو يوم مجيد في مسار مقاومة الشعب العربي الفلسطيني، فقد ظن العدو الصهيوني أنه (صهر الوعي) الفلسطيني كما أوصى منظرو الكيان الصهيوني بكيفية إماتة روح المقاومة لدى الشعب الفلسطيني، وهو ما نبه له المقاوم البطل المفكّر وليد دقّة في كتابه (صهر الوعي) الذي قضى حتى اليوم 37 عاما في الأسر رغم أنه مصاب بمرض (السرطان).
لم يتمكن العدو بسجونه، واغتيالاته على الحواجز، ونسف البيوت، أن (يصهر) وعي الفلسطينيين، وإفشاء حالة الخنوع، وباغتته عملية فجر ال7 من تموز وصعقته واذلّت جيشه وأجهزة مخابراته وتجسسه وما يتوفّر لديه من تقنيات يروج لبيعها في العالم ، بما في ذلك للحكّام العرب الذين اندفعوا وتسابقوا للتطبيع معه!
لقد نشأ الكيان الصهيوني مروجا أن فلسطين هي (أرض ميعاده) وفقا لتوراته، وأن اسلافه كانوا هنا قل 2000عام، وأنه يعود إلى أرض الميعاد، ودعمته ومولته وسلحته إمبراطوريات الغرب( المتحضّر) العلماني: بريطانيا، فرنسا، وأخذته في حضنها الإمبراطورية الأمريكيّة مع بقاء الدعم وتصاعده أوربيا، وباعتراف هيلاري كلينتون في مذكراتها وفي مقابلة تلفزية بثّت علنا وتناقلتها فضائيات كثيرة فإن أميركا هي من أوجدت (داعش).
حركة حماس هي وريثة مقاومة فلسطينيّة أسسها رمز كبير قاتل فرنسا ونفوذها وبريطانيا ومشروعها الصهيوني، وأمريكا منذ 13/أيلول/ 1993 وفي حدائق البيت الأبيض وهي تجرجر من وقعوا معها على وثائق أوسلو، وتخدعهم، أي على امتداد ثلاثة عقود دفعت ب700ألف مستوطن ليحتلوا مزيدا من أرض فلسطين التي وعد الموقعون على أتفاقيات أوسلو بالرعاية الأمريكية، ولتتبدد أوهام السلام والدولة الفلسطينيّة، ويقع الفلسطينيون في التيه..فجاء يوم 7 تموز واستيقظ العدو والصديق، ونهض الشعب العربي الفلسطيني بعنفوان وبوعي مختزن في داخله تحت ركام القهر والذل والانكسار، ومن جديد أضاءت فلسطين سماء العالم، وها هي شمسها تملأ الكون لتثبت أن شعب فلسطين لاووعيه لا يُمسخ ولا يصهر، وأن طريقه إلى القدس لا يمكن أن يحتلها شُذاذ الآفاق السابقون واللاحقون، وأنهم منفوخون بقوّة يُحقنون بها لتنفخ وتغوي بالإعجاب بهم السُذّج من المطبعين العرب…
القسّام رمز في حياة مسيرة أمتنا المقاومة، ومن يحملون اسمه يُمثلون مقاومة شعب لا يتوقف عن المقاومة، ومعه سرايا القدس، وابوعلي، ومن قبل مع الرصاصة الأولى في 1/1/ 65 رصاصة العاصفة ..التي نريدها أن تتجدد..وننتظرها.
دول الغرب تصعّد الحملة على حركة حماس المقاومة الفلسطينيّة وتتهمها بأنها(داعش) علما أن داعش صناعة أمريكية.
أبطال كتائب الأقصى برهنوا بالصوت والصورة أنهم يتمتعون بنبل وإنسانية وأخلاق رفيعة عربيّة وإسلامية وهم يتعاملون مع نساء يهوديات وأطفالهن في بيوتهن مباشرة بعد اقتحام مستعمرات الغلاف،ومع أسيرات حرروهن، وقد اعترفن بدهشة مما رأين من تعامل يتناقض من الدعايات الصهيونية المبتذلة، ومع ما تقدمه هوليوود عن العرب والمسلمين في افلامها المُقززة الساذجة.
هؤلاء الأبطال يمثلون شعبنا، ويضيفون لمقاومتنا، ومعهم أخوتنا في الجهاد، وأبوعلي، وألوية الناصر صلاح الدين، ولا ننسى العاصفة والرصاصة الأولى فنحن بانتظارها فموقعها ينتظرها…
10-11-2023
رشاد أبوشاور