عن مهرجان أيام فلسطين في وارسو
يوم أول أمس السبت في التاسع والعشرين من يونيو – حزيران ٢٠٢٤ كنت ضيفاً على مهرجان أيام فلسطين في العاصمة البولندية وارسو، بدعوة من القائمين على المهرجان. وكانت لي مشاركة بمحاضرة عن تجربتي في الحياة السياسية والكفاحية والثقافية والاعلامية والنقابية الفلسطينية.
تحدث عن النكبة الفلسطينية واحتلال الصهاينة لفلسطين بالارهاب والمجازر وعن بلدتي الصفصاف والمجزرة التي حصلت فيها. كما اسهبت في الحديث عن عائلتي رداً على أسئلة “إميل” عن عائلتي وولادتي في المخيم بعين الحلوة في الجنوب اللبناني، ثم عن إصابتي في حصار بيروت وثاني أيام مجزرة صبرا وشاتيلا، وعن المجزرة والمجازر الأخرى التي نفذتها العصابات الصهيونية في فلسطين المحتلة وفي مخيمات لبنان منذ النكبة سنة ١٩٤٨ وحتى يومنا هذا، حيث في غزة تدور الآن ومنذ 9 شهور أبشع عملية ابادة جماعية وجرائم حرب علانية وموثقة، في ظل صمت عالمي وحتى مشاركة البعض في المذبحة والابادة.. مثل الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا والمانيا. في المانيا هناك ما يشبه محاكم التفتيش التي تلاحق وتعاقب وتضيق الخناق وتحدد حركة التضامن مع فلسطين. وهناك قوانين غستابوية هتلرية ضد الفلسطينيين والعرب والمناصرين لفلسطين. مثل محاكمة وطرد أي لاجئ يضع لايك أي اعجاب على منشور معادي للصهاينة ول”اسرائيل”.
تكلمت عن الذين نفذوا مذبحة صبرا وشاتيلا في اسيلول سنة 1982، وعن ارهابيي ومجرمي وفاشيي عصابة آل الجميل اللبنانية وقوات المقبور بشير الجميل حلفاء “اسرائيل” وتنفيذهم المجزرة مع جيش الاحتلال الصيهوني بقيادة الهالك آرييل شارون.
كما تطريق الى سنة وصولي الى بولندا للعلاج في مستشفى “قنسطنتسين” قرب وارسو سنة ١٩٨٤ وما تلا ذلك من رحلة بولندية، تعرفت وتصادقت خلالها مع عدد كبير من الطلبة العرب والفلسطينيين ومنهم الراحل محمد خوالدة والد الشاب المتألق والناشط المبدع إميل خوالدة الذي أدار الحوار والندوة باقتدار.
خلال حديثي عن تلك التجربة العزيزة على قلبي وعن صديقي محمد ذرفت الدمع تلقائيا. وهذه أول مرة واجهت فيها في حياتي السياسية وندواتي مثل هكذا موقف انساني بحث. تلك اللحظة الانسانية أثرت أيضاً على بعض الجمهور. خلال حديثي عن الراحل العزيز محمد حضرني كل اصدقائي وأحبابي الذين توفيوا خلال الأربعون السنة الأخيرة من حياتي.
تطرقت أيضاً للتجربتين الايطالية والنرويجية حيث خضت غمارهما في أعمال ونشاطات في مجالات عديدة ومنوعة زادتني علماً وثقافة ومعرفة بمجالات العمل التضامني والاعلامي والسياسي والاجتماعي والثقافي.
تكلمت عن غزة والضفة والمخيمات في اللجوء والمقاومة وحق العودة. وعن مجموعة فلسطين بالبولندية التي اسستها منذ سنوات عديدة وكان لها دوراً مهماً في تحريك وتنشيط التضامن مع فلسطين في بولندا… وفي تقديم المعلومات والخبرات والأخبار والتقارير والموضوعات الفلسطينية باللغة البولندية وبلغات اخرى للقراء ولأعضاء المجموعة. كما نقلني الحديث للتحدث عن الطلبة ودورهم الريادي في العالم وفي بولندا نصرة لفلسطين ومطالبة بقطع العلاقات الاكاديمية والجامعية مع الصهاينة وبإدانة الابادة. وكان ممثلون عنهم من كراكوف ووارسو وفروتسلاف حاضرون في المهرجان والندوة وكنت يوم الجمعة 28 يونيو شاركت في ندوة رئيسية لهم على هامش المهرجان. كما تطرقنا أنا وإميل لقيام عميد جامعة وارسو باستدعاء الشرطة لطرد الطلبة الذين احتلوا الجامعة، وقيامه برفع دعوة قضائية ضدهم وقيام الشرطة باعتقالهم بشكل فظ وتوجه تهم جنائية لهم.
في الختام تحدثت قليلاً عن كتبي ال 13 وعن سبعة منهن باللغة البولندية وبالذات عن اثنين حديثين عن جرب الابادة في غزة صدرا في شهر آذار مارس ويونيو حزيران هذا العام وهما (صباح الخير يا غزة!) و (غزة في القرن الواحد والعشرين)… بعد ذلك قمت بتوقيع الكتابين.
سرّني وجود بعض الأصدقاء والصديقات اللامعين والمتميزين في عالم التضامن مع فلسطين منهم ومنهن الناشطة والكتابة البولندية البريطانية أيفا ياشيفيتش مؤلفة كتاب “إحرقوا غزة”. والتي شاركت في اسطول الحرية لفك الحصار عن غزة. والفنان المتألق والمتميز بأعماله الفنية التضامنية مع فلسطين والناقدة بشدة للارهاب الصهيوني، صديقي الفنان الشاب “ايغور دوبروفولسكي”. بالإضافة لمجموعة كبيرة من الصبايا والشباب نشطاء المجتمع المدني والتضامن مع فلسطين. واسعدني أيضا حضور بعض أعضاء مجموعة فلسطين بالبولندية من كبار السن ومن الشبيبة وقيام بعضهم بالتعريف عن أنفسهم كأعضاء في المجموعة وقيام احداهن بالحديث معي عن كتابي الأول ثم شراء الكتاب الأخير عن غزة.
حدث شيء غير عادي خلال فتح باب الأسئلة، شيء مؤسف من شخص (نصفه فلسطيني والنصف الآخر بولندي) كان مفترض أن يحترم نفسه والجمهور والقائمين على المهرجان وأن يحترم فلسطين وجراح غزة… وأن لا يقل ما قاله خلال حديثه، حيث شن هجوماً على شخصي، غير مبرر وغير عقلاني وأناني ولا انساني… ترك كلامه ردة فعل سيئة عنه هو وعن حديثه الفظ والعدواني. ثم قام هو بنفسه بنشره في مواقع التواصل الاجتماعي إسوة بفيديوهات أخرى سبق ونشرها وفيها شتائم وكراهية وعدوانية اتجاهي. هذا الشخص أنا شخصياً لا أعرفه من قبل وا,ل مرة اراه في حياتي يوم الندوة، ولا أعرف أهله من قبل ولم يسبق لي أن تكلمت معه وأول مرة عرفت أحد أفراد عائلته قبل شهر في ندوة عن فلسطين بمهرجان كنت مدعو لندوة ومحاضرة فيه.. بصراحة لا أعرف ما هي غايته من ذلك وما هو هدفه من الموضوع والأهم أنني لا أعرف من يقف خلفه… لن أتطرق لموضوعه أكثر من ذلك كي لا يصبح قضية نقاش فهو لا يستحق ذلك ولا أن نهدر وقتنا للحديث أو الكتابة عنه فوقتنا مخصص لفلسطين ولغزة بالتحديد.
نضال حمد
الاحد 30 حزيران- يونيو 2024