إلى أبي إبراهيم السنوار
الى يحيى السنوار – الذي استشهد كي يحيا شعبه ولكي يستمر الإعصار.
في السابع عشر من تشرين الحزين وبعد أكثر من سنة من فتحه غلاف غزة، فتحاً مبينا. رأيته وحده، يجلس على كنبة في بيت مقصوف، كنمر مجروح، تربع شرساً فوق تاج الجروح، في يده عصا وبالأخرى كسور وجروح.. في ساقه شظايا وربما رصاص وألم وحروق .. لف وجهه بالكوفية الشعبية الفلسطينية واستند الى شعبٍ بايعه موتاً وحياة.
فيحيى لم يقضِ العمر مفاوضات وسفريات ولا تسالي.. حتى انني لا أعرف إن كان غادر غزة، فقد عاش زاهداً مجاهداً، نصف عمره في الزنازين ونصفه الآخر في الميادين ..
أحبته غزة وعشقته فلسطين … يحيى القسامي والحطيني من معركة حطين، أراد في تشرين استعادة مجد حطين وزمن الناصر صلاح الدين.. فأعاد وهج قضية فلسطين وكشف للعالمين وحشية ونازية وهمجية كيان الصهاينة المحتلين …
يحيى قضى عمره أسيراً فمقاوماً فشهيداً شهيداً شهيداً… استشهد في يده البندقية وجسده مثخن بالجراح، على بعد أمتار قليلة من تموضعات الغزاة في تل السلطان، على حدود غزة فلسطين مع مصر، هناك حيث لازال الجيش الذي عبر القناة في تشرين اكتوبر ١٩٧٣ نائماً بالعسل، دموع جنرالاته وحكامه تنهمر بسبب تقشير البصل. ويل لأمة ممزقة حكمت فيها حثالاتها .. يا مصر قومي وشدي الحيل لتنهي زمن كافور الجديد وولكي تعودي الى زمن مصر السعيد.
هكذا تنتهي حياة الفرسان، الفرسان، في ساحات الوغى، فهي إما حياة تسر الصديق وإما ممات يغيظ العدا… هذه الأبيات للفارس والشاعر الشهيد عبد الرحيم محمود، الذي استشهد سنة ١٩٤٨ في معركة “الشجرة”، حفظها يحيى السنوار عن ظهر قلب ورددها قبل أن يلقى ربه راضياً مرضياً.
مضى الزاهد يحيى الى المهندس يحيى … مضى أبو ابراهيم السنوار الى الشرفاء، فالشهداء يمضون شهيداً، شريفاً خلف شريف وشهيد.
مضى السنوار شريفاً، شريفاً، شريفاً بلا مرافقة وبلا مراسم وبلا كذب ونفاق وإدعاءات فارغة.. مضى وفي جعبته سيرة حياة مليئة بالعطاء والكفاح والنبل والشهامة، سيرة مشرفة وعامرة.
وسامه مماتاً أغاظ العدو وحياة أسرت الصديق .. فلا يموت ثائر حرص على نيل الشهادة، فقد كان الموت في سبيل فلسطين أقصى مناه ومبتغاه. يوم قال ان الله يحدد يوم موتي وليس قاتلي، وأقصى ما أتمانه أن يقتلني العدو لألقى ربي شهيدا.
أيها الناس!
لا تقتل ولا تفنى قضية حملها من طلب الشهادة في سبيل الحرية.
لذا لن يهدموا ايماننا ولن يكسروا إرادتنا ولن يهزموا مقاومتنا .. ولن يجدوا بين ظهرانينا من يقول لهم نعم ولا حتى “لعم”… فلا أهلا ولا سهلا بهم ..
إنهم سوف يجدون ملائكة غزة من جهتي الشمال واليمين، على جانبي يحيى واسماعيل وعبد العزيز والياسين، على يسار جيفارا غزة ورفاقه وإخوته الميامين… سيجدون شعباً حزين في اكتوبر – تشرين، لكنه ظل مؤمناً بحطين وبجيل يحيى فلسطين الذي سيحيا كي يعيد مجد حطين ويحرر كامل تراب فلسطين.
في السابع عشر من تشرين الأول ٢٠٢٤ أي في هذا اليوم يا أبا ابراهيم الشهيد!
لا تهكل هم شيء، فشعبك ملتزم ومؤمن ومستمر في المعركة ولن يتراجع عن هذا الخندق.
ففي كل واحد من شعبك وأمتك هناك يحيى سيحيا لأجل تحرير كامل تراب فلسطين.
لا تهنوا …
لا تهنوا ولا تقنطوا وآمنوا بأبطالكم فوق وتحت الأرض، يصدون العدو والعدوان، يدافعون عنكم وعن كل عربي آمن بأن الأرض عربية والأمة واحدة والمصير مشترك وواحد..
آمنوا بإخوة الناصر جمال والصادق ح س ن والشريف يح يى والحكيم والوديع والوزير والشقاقي وكل من سبقونا إلى جنة فلسطين من القادة ومن المناضلين.
أمنوا فقط بالذين يدافعون عن أرض العرب ومستقبلها ومستقبلهم .. يصدون العدوان في فلسطين مثلما يصده اخوتهم في لبنان بصلابة واقتدار، بروح نصر من الله آت ورضوان وشكر لكل الشهداء…
في فلسطين ولبنان معاً يدافعون بتأييد اليمن والعراق وسوريا عن مصير الأمة العربية وأرضها الممتدة من رفح والكنانة والشام والرافدين وشبه الجزيرة واليمن حتى جبال أطلس وجبال الأوراس…
لا بد للأمة أن تنهض من سباتها وللشعوب وللجيوش أن تثور على العروش والكروش .. نحن ننتظر ذلك ولعله بات قريبا.
هذا الشعب الفلسطيني الذي اعتاد على فقدان الأبطال تباعاً في ساحات الوغى، والله لهو شعب معطاء وقادر على التجدد وتقديم المزيد من التضحيات.
هو شعب أبطال شهداء أو أحياء، مستعد دائماً وأبداً للشهادة، يسقط الشهداء لأجل فلسطين فيتبعهم جيل من المقاومين المضحين المستعدين للموت لأجل حرية الأمة.
فإن سقط منا رجل ستلد أمهاتنا خير الرجال…
إن قتل منا قائد ستنجب نساؤنا خير القادة…
إن ظنوا أنهم باغتيال أو قتل أحدنا سيكسرون شوكتنا هو واهمون… فما ماتت قضية حملها ويحملها شعبنا أمانة جيلاً بعد جيل منذ ما قبل القsام وحتى ما بعد الsنوار.
أيها الفلسطينيون أينما كنتم وحيثما أنتم!
أنتم الباقون والاحتلال وأدواته الى زوال.
كلمة موقع الصفصاف – وقفة عز
١٨ اكتوبر – تشرين الأول ٢٠٢٤