مقابلة في أوسلو مع الفنانة الجزائرية كريمة نايت
كريمة نايت في مهرجان أوسلو العالمي للموسيقي قدمت أغاني وطنية لفلسطين والجزائر
شاركت المغنية الجزائرية كريمة نايت بالإضافة لفرقة جزائرية أخرى هي فرقة “الغوسطو” للموسيقى الشعبية ، وفرقة مقامات عراقية ، وفرقة مغربية ، وفرقة عالمية على رأسها الفنانة الفلسطينية كميليا جبران المقيمة في سويسرا بألبومها الجميل ” سيوان جديد” الذي استحضر الموسيقى الأندلسية في قالب عالمي جميل. شاركوا في الدورة الـ 19 لمهرجان أوسلو العالمي للموسيقي ، الذي جرت فعالياته من 29 أكتوبر وحتى 4 نوفمبر الجاري. و على هامش المهرجان أجرينا في أوسلو حوارين منفردين مع الفنانتين العربيتين الجزائرية كريمة نايت والفلسطينية كميليا جبران سوف ننشرهما تباعا في موقع الصفصاف.
تعتبر كريمة نايت المولودة في الجزائر مغنية وراقصة وممثلة، حيث تعلمت في صغرها الباليه والرقص المعاصر ومثلت في المسرح والسينما، وقد تخرجت من المعهد الموسيقي بالعاصمة الجزائرية كما كشفت لنا في المقابلة. وفي سنة 1998، انتقلت كريمة نايت إلى القاهرة حيث استقرت هناك لمدة 10 سنوات، وتدربت على يد الملحن والموسيقار المصري فتحي سلامة المعروف بمزجه بين الطابعين الشرقي والغربي، فانضمت لفرقته “شرقيات” كمغنية وقدمت معه عددا من الأعمال كما عملت كراقصة في فرقة بدار الأوبرا في القاهرة. وفي العام 2007 غادرت الفنانة نايت الوطن العربي متوجهة إلى أوروبا ، لتكون محطتها الأولى باريس وبعد قضاء عام هناك عادت من جديد الى بلاد العرب وهذه المرة الى دبي . ومن ثم رجعت الى أوروبا حيث استقرت في سوسيرا وعملت مع فرقة فلامنكو .. وهذه الفرقة تضم موسيقيين وراقصين أندلسيين لكنها بإدارة سويسرية. وفي نهاية يناير كانون الثاني من هذا العام 2012 أصدرت في العاصمة السويدية ستوكهولم ألبوما بعنوان “وماذا بعد” الذي ضم 13 أغنية جمعت فيها بين الجاز وألوان من الشرقي والموسيقى الإفريقية. وتغني كريمة نايت بالعامية والعربية الفصحى والفرنسية، حيث تتطرق في أعمالها إلى حب الوطن والأم والغربة، كما لها أغاني كثـيرة ملتزمة عن فلسطين والعراق والجزائر. و حصلت على جائزة المهرجان الدولي للمسرح سنة 2004 الذي أقيم في القاهرة
كريمة نايت الفنانة التي تغني للناس وعنهم ، تكتب أغانيها وتلحنها وترقص على أنغامها. تعيش هموم الناس في وطنها الجزائر وفي الوطن العربي الكبير، تحمل في قلبها وأغانيها حب فلسطين التي تقول أنها موجودة في قلوب الجزائريين. كريمة غنت في اوسلو لأطفال فلسطين، للطفل الشهيد محمد الدرة الذي قتله الجنود الصهاينة بين أحضان والده بداية الانتفاضة الأولى. كما غنت للشباب العربي الذي يهاجر ويموت اثناء الهجرة ، وعن الكما في اغنيتها بعنوان “بنتي”.
:قالت كريمة نايت في معرض ردها على سؤالنا عن البدايات
بدأت كفنانة راقصة ومغنية ، فمنذ البداية ، أي منذ الصغر كنت احلم بأن أكون فنانة راقصة ، لذا التحقت بالمعهد العالي للرقص والموسيقى وانضممت فيما بعد لفرقة “التعابير” ومعهد الباليه الجزائري ومن ثم سافرت الى القاهرة في مصر وانضممت الى فرقة الرقص المسرحي الحديث في دار الأوبرا المصرية وبقيت هناك مع الفرقة لمدة عشر سنوات تحت إدارة الأستاذ فريد عوني . وفيما بعد وبما أن الفنان يجب أن يواصل مشواره ويجدد التجارب الخاصة به ، مثل عرب الرحالة كما نقول نحن في الجزائر ، سافرت الى أوروبا وكان هناك مشروع في باريس في سنة 2007 وبعد ذلك في سنة 2008 عدت الى العالم العربي وبالتحديد في دبي ومن ثم عدت الى أوروبا لأعمل مع فرقة فلامنكو … في سويسرا ، ومضى على وجودي معهم ثلاث سنوات. وهذه الفرقة تتألف بغالبيتها من الراقصين الأسبان الأندلسيين. ولكن المصممة والمديرة الفنية هي من سويسرا ، يعني هو لقاء الحضارات.
أما فيما يخص الغناء
أنا طبعا قبل ان يكون لي لقاء مع الفنان فتحي سلامة في مصر كان لي تجارب من قبل في الجزائر من خلال مسرحيتين الأولى مسرحية (… الحاج) ومثلت وغنيت فيها. والغناء كان من تلحين الموسيقي الجزائري الأستاذ محمد بوغفار .. وكانت تلك بالنسبة لي التجارب الأولى كمغنية عن طريق المسرح . وعندما سافرت مصر وقابلت الأستاذ فتحي سلامة عرض علي الانضمام الى فرقته ( شرقيات) كمغنية . وكانت لي أول حفلة هناك في سنة 2000 وغنيت فيها بلهجة القبائل المحلية الجزائرية. وتضيف كريمة باللهجة الجزائرية أن الأغنية أعجبت الجمهور المصري ” بالزاف” ، يعني كثيرا ً. عملت مع فرقة سلامة لأكثر من سبع سنوات خلال المدة التي كنت فيها بمصر حضرنا مشروع ألبوم بعنوان ” وحداني ” لم ينزل الأسواق لغاية اليوم. وانشاالله سوف ينزل في عام 2013 . وبعد “وحداني” و بعد ان سافرت من مصر وقررت تكملة مشواري في الموسيقى والغناء كانت مقابلتي مع الموسيقار السويدي فريدريك ييله وعرض علي أن أقوم بتجربة مع موسيقيين من السويد ومن هذه الفكرة جاء الألبوم الذي سوف نسمعه الليلة في المهرجان وهو بعنوان ” وماذا بعد”.
وماذا بعد .. “وماذا بعد” يا كريمة؟
الله اعلم ، هي طبعا هموم العالم ، هموم الدنيا ،التي نعيش فيها والتي حاولت التعبير عنها عن طريق رأيي الشخصي. ككلمة عن العيش في هذا العالم. سواء كان العالم العربي او العالم الأوروبي. كامرأة ، وكمحاربة للحرية ، وكشاهدة على قضايا تحصل في العالم ونحن صامتون اتجاهها كما القضية الفلسطينية. كان لي تعبيري الشخصي عن طريق كتابتي ، يعني ألبومي يعالج قضايا الشارع التي نعيشها يوميا، ونحن نقول في الجزائر ” كيما نأكل كيما نهدر في كل القضايا” يعني القضايا السياسية والاجتماعية حديث دائم الحضور. وأنا غنيتها.
كريمة أنت كجزائرية من بلد الثورة والتضحيات والانتصار .. لك كما علمت أغنيتان عن فلسطين .. أين تقع فلسطين عند الفنانة كريمة؟
رأيته أنه من الواجب علي كفنانة أن اكتب شيء عن فلسطين ولأطفالها فكتبت أغنيتين ، ولم تكن الفكرة بعدد الأغاني ، هكذا تم الأمر ، وهكذا كان عدد الأغاني .. لماذا؟
أول شيء ان صورة الطفل الشهيد محمد الدرة باقية وسوف تفضل باقية في ذهني. فهو وكل أطفال فلسطين الذين ولدوا في هذا العالم ولم يعرفوا الإحساس بالسلام في العالم كان لازم أتكلم عن هذا الإحساس. ترى لو في كل يوم لثانية واحدة ونحن نأكل ونفكر بهمومنا وبدنيانا أن نفكر بهذا الطفل الفلسطيني. ونراه وهو يبني على شاطئ البحر القصور الرملية ثم تأتي الأمواج فتهدمها ، ورغم ذلك يبقى الأمل موجودا عن هؤلاء الأطفال. كما عبرت عن ذلك في أغنيتي لأطفال فلسطين. وأنا ككريمة الإنسانة كان لازم اعبر عن إحساسي بهذه القضية. وككريمة الفنانة كان واجبي أن أفعل ذلك في أول ألبوماتي وانشالله في الثاني والثالث .. وانشالله يا ربي انشالله تنتهي القضية على خير كما يقولوا. أما الحكاية الثانية التي جعلتني أكثر إصرارا على الكتابة لأطفال فلسطين والقضية الفلسطينية جاءت بعدما شاهدت في العاصمة السويدية ستوكهولم فيلم (دموع غزة) – للمخرجة النرويجية فيبيكي لوكيبيرغ -. وكنت أتمنى أن يعرض هذا الفيلم في أكثر من بلد. واذكر أنه تم عرضه في السويد بعد صعوبات كثيرة أي بعد معركة. وكنا نقول في ذلك الوقت أنه على الكثير من الناس مشاهدة هذا الفيلم. ووضعنا إعلانات كثيرة في “فيسبوك” و”يوتيوب” ندعو الناس من خلالها للتوجه لمشاهدة الفيلم هناك. الفيلم يتحدث عن أطفال فلسطين -أثناء العدوان الأخير سنتي 2008-2009 على قطاع غزة -.
وتضيف كريمة بمرارة :
أخذوا الأطفال .. والأطفال يتعلمون منهم عبرة الحياة .. يعني أطفال كبار ..وهل الدنيا هذه.. وهل الدنيا هذه خلتهم يكبروا قبل الوقت .. يعني فهمت في آخر الفيلم ترجع ترجع ومن ثم تخرج بنقطة أن الأطفال كلهم الذي عبروا عن ألمهم في هذا الفيلم الروائي هي نقطة الأمل، يعطونك في النهاية الابتسامة وكلمتهم للأمل. والسؤال الذي سئل عنه الأطفال في النهاية : من تريد أن تكون؟ .. ويجيب الأطفال : عندنا الأمل أن نعيش بسلام. وكلمة السلام هذه جاءت من أفواه الأطفال. وهذا ما جعلني اكتب واعمل الأغنية الثانية لأطفال فلسطين.
قدمت كريمة خلال الحفل في أوسلو أغنية للشهيد الفلسطيني محمد الدرة يقول مطلعها:
”داري نشوفها قدامي.. دار السلام.. دار صلاح الدين وينك يا زمان.’
وفي المقابلة هذه أنشدت على مسامعنا مقاطع من أغنيتها الثانية عن فلسطين والتي تقول عنها : ماعرفتيش كيف انه نغني للطفلة الصغيرة هذه التي سألتني :
عليش الجيران حرقوا الجنة دي يالي ..
فأنا كفنانة كمغنية غنيت لهذه الطفلة عن الأمل …
واختتمت الإنشاد بالقول :
يعني مش لازم ننسى
أنت الآن في مهرجان الموسيقى العالمي بأوسلو
وصلت الى هنا اليوم صباحا وسبب وجودي هنا يعود لما بعد نزول ألبومي في الأسواق السويدية بتاريخ 26-1-2012 وأستضت في عدة بلدان في أوروبا وكما يقولوا أكمل مع الألبوم من مهرجان الى مهرجان واليوم يسعدني الحظ أن أساهم بالألبوم ككريمة وكجزائرية وكعربية في هذا المهرجان والذي هو مهرجان الموسيقى العالمية. وطبعا لي الشرف أن أشارك فيه. واليوم سوف اغني كل أغاني الألبوم باللغتين العربية والفرنسية. ومعلوم أنني أنا بنفسي كتبت كل كلمات الاغاني في الألبوم.
هل ممكن نسمع منك الآن شيء بالفرنسية؟
ضحكت كريمة وأجابت أنها اليوم سوف تغني كل الأغاني على المسرح في أوسلو .. لكنها كانت أيضا ” كريمة” يعني اسما على مسمى وأسمعتنا أغنية جميلة بالفرنسية وعنوانها ” من غير كرامة” .
عند المساء ذهبنا الى “ريكسستينن” في العاصمة أوسلو حيث كانت حفلة الفنانة كريمة والتي شهدها جمهور نرويجي وبعض المهتمين العرب المقيمين في اوسلو. وأبدعت كريمة غناءا ورقصا وانتماءا لبلدها الجزائر ولقضية العرب الأولى فلسطين. ولاحظنا أنها صعدت الى المسرح حافية القدمين . و قضت معظم الحفل كذلك إلا بعد أن قدمت أغنية استعراضية ارتدت خلالها ثوبا خاصا باللونين الأحمر والأزرق ، وفردة حذاء واحدة حمراء. يبدو أنها من ضروريات ومتطلبات العرض. مزجت كريمة نايت في غنائها بين الجاز ومقاطع تشبه الموشحات وكانت قبل كل أغنية تقدم عرضا للأغنية ومناسبتها باللغة الانجليزية التي تجيدها الى جانب الفرنسية بطلاقة.