بين دقات ساعة انتهاء الاحتلال، ودقات ما العمل – احسان الجمل
حسنا، ان الرئيس محمود عباس اقتنع، او كان مقتنعا ضمنيا سابقا، ان المفاوضات عجزت عن التعامل مع جوهر القضية، وهو انتهاء الاحتلال، رغم انه كان يردد ان البديل عن المفاوضات هوالمفاوضات. اعتراف جريء وصريح، يقر به الرئيس.
خطاب حمل من الوصف الدقيق، لسياسة الاحتلال، ولمعاناة ابناء الشعب الفلسطيني، الكثير من الدقة والبلاغة، ومن رسم لوحة لمعاناة استمرت اكثر من 66 عاما. استحق التصفيق لاكثر من دقيقتين من الحضور. خطاب ادمى القلوب وابكاها. لكن هذه اللوحة تنتهي مع مغادرة القاعة، اذا لم تقترن بخطة عمل، تحدد الاهداف ورزنامة تنفيذها، وفق آليات كان يجب ان تحدد ولو من باب المقترح الفلسطيني، كونهم الضحية واصحاب القضية.
قد يقول قائل ان الرئيس، طالب بجدول زمني، لكن هذا كان في العام، وهناك بالسابق جداول زمنية لقضايا كثيرة، دهستها سياسة الاحتلال ، باعتبار ان لا مواعيد مقدسة.
ونقول ايضا ان الرئيس اكد على تمسك الشعب الفلسطيني بحقه المشروع في الدفاع عن نفسه امام آلة الحرب الاسرائيلية، وكان لا بد من التلويح بآليات هذا الحق المشروع، وان يربط مسار العودة الى المفاوضات، بموازاة حق الدفاع المشروع، كما فعل الخالد الرمز الشهيد ياسر عرفات، حين قال جئتكم اليوم بغصن زيتون بيد، والبندقية بيد، فلا تسقطوا غصن الزيتون من يدي. واذا لم يعمل بهذه المزاوجة سيفقد الشعب الفلسطيني كل زيتونه، وستصاب بندقيته باهتراء وصدأ ابدي.
ان العالم الذي يحتشد اليوم، لمحاربة قضية عمرها الزمني قصير، واقصد داعش، لو اقنعته لغة السلام والمفاوضات، لكان فعل كما يفعل الان في العراق وسوريا، وايضا مظلتنا العربية التي تفتخر بمشاركتها في التحالف، غابت كليا عن مشهد الامس آبان العدوان على فلسطين،مما يعني ان رهان الرئيس الجديد يحتاج الى قوة دفع، وهذا تتمثل في قوة الفلسطيني نفسه، متمثلة بتعزيز وحدته، وتطوير مقاومته، وان يشكل خلية ازمة تقود الفعل اليومي الذي يشكل الرافعة لخطاب الرئيس حتى يقترن القول بالعمل.
لكن جل ما نخافه ان يكون هذا الخطاب، لا يحمل إلا وجها واحدا، هو العودة الى المفاوضات، بعد قول الرئيس الالتزام بتحقيق السلام العادل عبر حل تفاوضي. واعتماد الجهد الدبلوماسي والسياسي عبر الامم المتحدة، وهو سعي محق، لكنه بجناح واحد اذا لم يقترن بفعل مقاوم، يغير من الموازين حتى يتم تغيير الجمود السياسي، ويجبره على الحراك نحو تحقيق الحقوق الوطنية.
آن للشعب الفلسطيني، ان يعيد الى اذهان العالم، قوته وقدرته على تحدي الاحتلال، وهو من قام بانتفاضتين، علمت العالم دروسا، بكيفية الحراك الشعبي، ولكن المؤسف انه لم يستفد مما جرى في المحيط، كان يجب ان ينتفض ويجعل قضيته جزء مما يجري في العالم، ويجعل المجتمع الدولي ان ينظر الى قضية فلسطين، كما ينظر الى قضايا الاقليم، من خلال نضال يقنع العالم ان اسرائيل هي فعلا دولة الارهاب المنظم.
هذا يحتاج ايضا الى قيادة تقود الشعب، وتخطط له، وتؤمن له لوازم العمل، وان يرتبط بمركزية القرار في تحركه، حتى لا يتجه الى فوضى تقوده الى فلتان امني، او يشعر انه متروكا كبيت بلا سقف.
لقد كان الخطاب قويا من حيث ايصال رسالة المعاناة للشعب الفلسطيني، لكنه غير كاف، اذا لم يقترن بالسؤال البديهي لكل ازمة، ما العمل؟؟؟ وما هي ادواته؟؟؟ وروافعه، وإلا سيبقى حبرا على ورق، وستستمر المعاناة ، بانتظار خطاب اخر. يوم لا يكون في فلسطين زيتونا، ولا تبقى لدولتها عاصمتها القدس التي يؤكلها الاستيطان ويهودها يوميا، ويعمل على تقسيميها مكانيا وزمانيا.
بين دقات ساعة انتهاء الاحتلال، ودقات ما العمل – احسان الجمل
احسان الجمل
مدير المكتب الصحفي الفلسطيني
tel:009613495989