نوبل للأدب: ادعاءات شعراء وكتّاب عرب نكرات! – رشاد أبو شاور
في كل عام، وتحديدا مساء يوم 9 تشرين أوّل، يترقب كتاب وشعراء العالم اسم الفائز بجائزة نوبل للأدب، وهو غالبا أوربي، وأحيانا أمريكي شمالي، وفي بغض الأحيان أمريكي لاتيني، وقد تتوقف الجائزة عند روائي ياباني، فهؤلاء هم الأكثر نيلاً لها من بين الأسيويين.
مرة واحدة فاز بها شاعر الهند الأكبر طاغور، وقيل أن سبب منحها له عائد لكتاباته بالإنكليزية، ومن بعده لم يفز أي هندي بها.
مرة واحد فاز بها العربي المصري نجيب محفوظ عام 1988، وكان يستحقها منذ سنوات، هو الأفضل من كثيرين فازوا بها، ولكنها منحت له لأسباب سياسية، بعد أن أيّد توجهات السادات، وعقده لاتفاقية كامب ديفد برعاية أمريكية، وإدارته الظهر للعرب، وقضيتهم المركزية ( فلسطين).
مرة واحدة فاز بالجائزة تركي هو (أورهان باموق)، وكان الاسم الأكثر أهمية محليا وعالميا، والمرشح لنيلها على مدى سنوات هو الروائي التركي الكبير يشار كمال صاحب الرواية الذائعة الشهرة ( ميميد الناحل) و( ميميد يا صقري)، ولكنها حجبت عنه لأنه جذوره كردية، فهو من جنوب شرق الأناضول حيث يقيم الأكراد، وعنهم كتب رواياته الملحمية الرائعة.
منذ فاز الكبير نجيب محفوظ بنوبل، تكرر ترشيح الشاعر الكبير علي أحمد سعيد ( أدونيس)، السوري الأصل، ولكن الجائزة أخطأته، وقفزت عن اسمه، وهو ما تكرر هذا العام 2014.
هذه الجائز ولدت أوربية، وبعض العرب رشحوا لها في وقت مبكر، منهم: عميد الأدب العربي طه حسين، والشاعر الكبير أحمد شوقي، ولكن الجائزة لم تتوقف عندهما.
جائزة نوبل للأدب منحت عام 1966 للشاعرة السويدية ( اليهودية) نيلي زاكس، وللكاتب شاموئيل عاغنون المقيم في فلسطين المحتلة، والذي ينهل في كتباته القصصية من التوراة، وهي كتابات مغلقة، وتفتقد لرحابة الرؤية الإنسانية.
آنذاك كتبت مقالة في صحيفة ( الجهاد) الفلسطينية التي كانت تصدر في القدس، وتوقفت عند القصد من منح الجائزة لاثنين لأول مرّة في تاريخ نوبل، تجمعهما الديانة اليهودية، وكأن لجنة الجائزة تقول: هذان ينتميان( لأمة) واحدة، وإن كانا يعيشان في بلدين مختلفين، وبهذا فإن لجنة الجائزة تبرر ضمنا احتلال فلسطين!
لو محصنا أسماء الروائيين والشعراء الفائزين بهذه الجائزة منذ نشأتها فإن ما سيستوقفنا أمور منها:
أولاً: الجائزة غير محايدة، وغير منصفة، وهي بالتأكيد مغرضة، ومنحازة، ولا تنظر للشرق بعين المساواة، والدليل على ذلك عدم فوز إيراني، أو باكستاني، أو أندونيسي، ولم يتكرر فوز عربي بها، أو تركي، وفاز بها صيني( منشق) عام 2000، هو جاو كيسينغ جيان، وهو صاحب عمل روائي واحد فقط( جبل الروح)، ومن بعد منحت للصيني مويان في العام 2011!
ثانيا: كلما خف الاهتمام بالجائزة، وكثر النقد المصوّب لها، نفاجأ بأنها تمنح لكاتب عليه العين، يتمتع بقيمة أدبية عالية محلية وعالمية، أمثال: شولوخوف الروسي ( أيام الاتحاد السوفييتي)، و ماركيز اليساري التقدمي الكولومبي الأمريكي اللاتيني، ونيرودا التشيلي اليساري، لترميم سمعة وحضور الجائزة، واستعادة الاهتمام بها.
ثالثا: نسبة غير قليلة ممن فازوا بها هم من ( اليهود)، وبعضهم ( صهاينة)!
رابعا: نوبل هذه رفضها المسرحي البريطاني الإيرلندي الكبير جورج برنارد شو، واقترح أن تمنح للأدباء الناشين، لأنه لا قيمة لها عندما تمنح لمبدعين وهم في سن الشيخوخة، لأنها لا تنفعهم عندئذ بشيء. ورفضها الكبير جان بول سارتر، واقترح أن تمنح الجائزة لفقراء السويد!
هذا العام فوجئت_ أتوقع أن كثيرين غيري فوجئوا_ بأسماء عرب أقحمت أسماؤهم في قائمة المرشحين للجائزة، وهم في واقع الحال متواضعو القيمة الأدبية، ومن بينهم شاعر فلسطيني لا يعتبر من الشعراء الفلسطينيين الكبار، وليس على مقربة من قاماتهم.
بالمناسبة: محمود درويش، على أهميته، لم يرشح جديا لنوبل، فهل هذا الشاعر الفلسطيني المتواضع الحضور أكثر أهمية من محمود درويش عربيا وعالميا؟!
طبيعي أن يتكرر اسم أدونيس كل عام، ومن غير الطبيعي أن يغيب اسم الروائي السوري حنا مينه، والشاعر العراقي الكبير سعدي يوسف، ومدهش حقا أن نقرأ اسم شاعر عراقي ( أسعد الجبوري) الجهول عراقيا وعربيا، وفي العراق شعراء كبار حاضرون، يعرفهم القارئ العربي جيدا.
هل ترجمة مجموعة شعرية لشاعر ما، وصدورها عن منشورات جامعة أمريكية تدخله العالمية، وتبرر ترشيحه لجائزة نوبل ( بجلالة قدرها)؟!
سعدي يوسف مترجم للغات كثيرة، وكذا سامي مهدي، وحميد سعيد، وهاشم شفيق..وغيرهم من شعراء العراق، فلماذا اختير أسعد الجبوري، وغسان زقطان، وأقحما في قائمة المرشحين، ومن روّج لهما، وعلى أي أسس، وهما من الشعراء متواضعي الحضور والنتاج؟!
في الأمر ما يريب حقا..وما يدعو للتساؤل!
أنا أفهم أن ترشح الروائية السورية غادة السمان، فهي قيمة كبيرة، ولها حضور بارز عربيا، وترجمت بعض أعمالها على مدى سني عطائها الممتد منذ الخمسينات.
هذا العام فاز بنويل للأدب الروائي الفرنسي( باتريك موديانو) الذي بررت الأكاديمية منحها له بأنه: لفن الذاكرة الذي استحضر من خلاله مصائر إنسانية هي الأصعب فهما.
شاعر عربي كبير صديق علّق: هم أحرار في منح جائزتهم لمن يشاءون، ونحن العرب يجب أن لا نعتب عليهم، لأن الجائزة أوربية، ومن يمنحونها أوربيون، ومن يفوزون بها، غالبا، أوربيون..ونحن ننتظر كل عام اسم فائز جديد، أحيانا لم نسمع به من قبل كهذا الروائي الفرنسي ( موديانو)_ جهلنا به سببه بؤس حركة الترجمة في بلادنا_ وبعضهم نقرأ له، وقد ينال إعجابنا.
الصديق وليد أبوبكر كتب في صحيفة الأيام الفلسطينية يوم السبت 11 الجاري، تحت عنوان( كذبة نوبل) مقالة حول ادعاء بعض الشعراء والكتاب العرب الذين يروجون أنهم مرشحون لنيل نوبل، وقال في مقالته: التقيت ببعض الصحفيين المقربين من جائزة نوبل، وسألتهم عن المرشحين العرب فأكدوا أن المرشحين اثنان: أدونيس، وآسيا جبار…
ويضيف: وحين سألت عن عشرات الأسماء التي تتردد على ألسنة بعض كتابنا، قيل لي: ليس ذلك قاصرا عليكم. في كل مكان هناك من يكذب على لسان الفريد نوبل!
نوبل للأدب منحت لأول مرّة عام 1901 لفرنسي اسمه رينه سولي برودرم.. من يتذكره، وما أهميته في الأدب العالمي؟!
لم تمنح نوبل لتولستوي صاحب: الحرب والسلام، وأنا كارنينا، والبعث..والذي يُقرأ حتى يومنا، وسيقرأ دائما..وهو رحل في العام 1910، يعني منحت لتسعة كتاب وشعراء وهو على قيد الحياة!
الأمر مؤسف حقا أن تتحول (نوبل) إلى عقدة نفسية لدى بعض شعرائنا وكتابنا، وهي عقدة تتسبب بسخرية يجلبها هؤلاء الأشخاص على أنفسهم!