مليون فلسطيني دخلوا سجون الاحتلال..!
الخبير في شؤون الأسرى رأفت حمدونة يتحدث لـ”البيادر السياسي” حول آخر تطورات قضية الأسرى وصفقة التبادل المرتقبة
* دولة الاحتلال ستراوغ كعادتها لإنجاز صفقة تبادل للأسرى مع المقاومة الفلسطينية
*73 معتقلاً قضوا نتيجة التعذيب في سجون الاحتلال
* 1500 أسير مريض في سجون الاحتلال يعانون من أمراض مختلفة
غزة- خاص بـ”البيادر السياسي”:ـ حاوره/ محمد المدهون
بعد انتهاء الحرب الثالثة والعدوان البربري على غزة، وبدء مفاوضات التهدئة، والحديث عن وجود أسرى لجنود الاحتلال لدى المقاومة الفلسطينية، جرى حديث حول قرب إبرام صفقة تبادل أسرى، مما أعاد الأمل لدى الأسرى وذويهم بقرب تنسم ربيع الحرية.. آلاف الأسرى لا يزالون يقبعون في سجون الاحتلال الإسرائيلي في ظل ظروف اعتقالية غاية في القسوة والصعوبة، يقارعون السجان على أمل في حياة أفضل وصولاً إلى فجر تشرق فيه شمس الحرية..” البيادر السياسي” تفتح ملف الأسرى من جديد لما لهذه القضية من أهمية بالغة، وتستضيف الخبير في شؤون الأسرى ومدير مركز الأسرى للدراسات الأسير المحرر رأفت حمدونة في الحوار التالي.
صفقة تبادل
* بعد انتهاء الحرب على غزة، والحديث عن وجود أسرى إسرائيليين لدى المقاومة، يجري الحديث عن صفقة تبادل أسرى.. هل هناك صفقة في المنظور القريب ؟ وكيف تتوقعون سير المفاوضات في هذا الجانب؟
– دولة الاحتلال ستراوغ كعادتها لإنجاز صفقة تبادل للأسرى مع المقاومة الفلسطينية في المفاوضات غير المباشرة، ولكن قرار رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، بتعيين ليئور لوتان كمسئول لملف الأسرى والمفقودين، بصلاحيات تعادل صلاحيات وزير خلفاً لدافيد نيدان بمثابة إشارة واضحة حول نية حكومة الاحتلال للبدء بمفاوضات قد تكون غير سهلة لإرضاء الشارع وأهالي المأسورين ورفع معنويات الجنود الإسرائيليين.. حكومة الاحتلال تريد الاستعداد لجولات طويلة من المفاوضات المرهقة، لمعرفة مصير الجنديين، ومن ثم خوض غمار مباحثات لا أحد من طرفي هذه المباحثات يدرك متى ولا كيف ستنتهي.. هذه الخطوة الإسرائيلية تعني أمراً واحداً، وهو أن دولة الاحتلال في طريقها إلى فتح ملف المفاوضات مع المقاومة الفلسطينية.. الكل يدرك أن موضوع الأسرى معقد وحساس للغاية، بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، نظراً للحديث عن مواجهة طويلة الأمد ستخوضها المقاومة مع الاحتلال .
أعتقد أن الاحتلال سيستمر في محاولاته المعهودة في “المراوغة والتسويف”، وإطالة أمد المفاوضات، إلا أن المقاومة الفلسطينية تدرك جيداً هذه الألاعيب بحكم خبرتها في التعامل مع الاحتلال، حيثُ إنها طلبت وفداً خاصاً لمناقشة موضوع الأسرى، بخلاف الوفد المفاوض في القاهرة، وذلك نظراً لحاجة هذا الموضوع إلى درجة عالية من التخصص التي يتوجب أن يحظى بها الوفد المفاوض فيما يتعلق بموضوع الأسرى، مع ضرورة الحفاظ على التكتم والسرية التامة خلال المراحل المختلفة من المفاوضات وصولاً إلى تحقيق الصفقة في نهاية الأمر.
مد وجزر
* تمر قضية الأسرى بحالة مد وجزر مع تزاحم القضايا.. ماذا تمثل قضية الأسرى بالنسبة لشعبنا الفلسطيني؟ وما هي آخر تطوراتها؟
قضية الأسرى الفلسطينيين، إحدى القضايا المهمة بالنسبة للشعب الفلسطيني في الوطن والشتات، باعتبارها قضية جامعة للكلّ الفلسطيني منطلقة من الثوابت الوطنية الفلسطينية، ولقد تجاوز عدد الأسرى الفلسطينيين منذ العام 1967 وفقاً لوزير الأسرى سابقا ما يقارب من مليون فلسطيني.. إن إبداع الحركة الوطنية الفلسطينية الأسيرة، وما صاغته وتعارفت عليه القوانين الدولية، وما توصلت إليه الإنسانية، من أعراف ومفاهيم تعطي الحقّ للشعوب المقهورة، برفع الظلم عن كاهلها و تحقيق غاياتها وصولاً للنصر، و قد منحت الحركات الثورية حقّ النضال بكافة الأشكال، واستخدام مختلف الأساليب الإبداعية التي كفلتها الأعراف والقوانين الدولية.
إنَّ تجربة الأسرى قاسية و تشكل خبرةً مؤلمة على حياتهم، سواءً أكان ذلك على المستوى النفسي أو الاجتماعي، أو الاقتصادي، فبعد أنْ كانت قضية التعليم والثقافة في السجون اختيارية إلا أنها مع الوقت ومع إنشاء المؤسسات الاعتقالية أصبحت عامة وملزمة، وهذا ولد المزيد من الطاقات والإبداعات، لم تعد مرتبطة بطاقات فردية، أو كفاءات متفرقة.
ولقد برز في المعتقلات كُتاب القصة، وشعراء، ومترجمون، وباحثون، ومختصون، في التحليل السياسي، والعسكري، والفكري، والاقتصادي، حتى إنّ بعض المعتقلين اتجهوا لدراسة علم النفس، والتعمق فيه، وإلى تعلم اللغات: كالعبرية، والإنجليزية، والفرنسية، والألمانية، والإسبانية، والروسية.
كما استطاع المعتقلون أن ينجزوا مكتبةً متنوعةً وشاملةً لكتب تبحث في صلب المشاكل التي يعاني منها الفلسطيني أينما كان، فلا عجبَ أنْ نجد إسرائيل كيانًا يُمارس مصادرة الكلمة وحرية الإبداع .
ولقد كان المشهد الثقافي داخل سجون الاحتلال من أهم معالم الحياة الاعتقالية التي صاغتها الحركة الأسيرة منذ نشأتها إلى يومنا هذا .
7 آلاف أسير
* كم يبلغ عدد الأسرى في سجون الاحتلال اليوم وما هي تفصيلاتهم؟
– اعتقلت سلطات الاحتلال الإسرائيلي منذ العام 1967 ما يقارب من مليون مواطن فلسطيني، لا زال منهم ما يزيد عن ( 7000 ) أسير وأسيرة فلسطينية، من الأسرى مئات الأطفال دون سن 18 عاماً، وشيوخ تزيد أعمارهم عن السبعين، ومرضى بدون علاج في حال الخطر الشديد.
وأشارت منظمات حقوقية عربية وفلسطينية وحتى إسرائيلية لسوء أوضاع الأسرى المعيشية على كل المستويات نتيجة للسياسات الإسرائيلية التي تطال مجمل الحياة الاعتقالية من تعذيب مباشر وغير مباشر، والاقتحامات الليلية، والتفتيشات العارية، والنقل الجماعي، وسياسة العزل الانفرادي لفترات طويلة، والاكتظاظ داخل الغرف والزنازين، وانتشار الحشرات، والأحكام العسكرية الردعية، ومنع امتحانات الجامعة والثانوية العامة، وسوء الطعام كماً ونوعاً، ومنعهم من حقهم في التعليم من خلال عدم إدخال المواد التعليمية والثقافية ومنع إدخال الكتب، وعدم السماح بدخول الأطباء وتوفير ما يلزم من علاج وفحوصات وأدوات طبية وإجراء العمليات الجراحية للكثير من المرضى .
ومن الأسرى من أمضى أكثر من ثلاثين عاما متواصلة، ومنهم (477) معتقلاً يقضون أحكاما بالسجن المؤبد (مدى الحياة) ، ومن الأسرى من وصل حكمه إلى 6700 عام كالأسير عبد الله البرغوثي 67 مؤبداً.
20 سجن
* ما هو توزيع هؤلاء الأسرى على سجون ومعتقلات الاحتلال؟
– إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية وزعت الأسرى على 20 سجناً ومعتقلاً ومركز تحقيق وتوقيف، من السجون ” نفحة، رامون، عسقلان، بئر السبع، هداريم، جلبوع، شطة، الرملة، الدامون، هشارون، هداريم، وايشل وأوهليكيدار، وثلاث معتقلات هى ” النقب وعوفر ومجدو”، وعدد من مراكز التوقيف والتحقيق كمركز حوارة والمسكوبية والجلمة وبيتح تكفا.
أجهزة الأمن الإسرائيلية بعد الاعتقال تقوم بتعذيب الأسرى لمجرد الشبهة للحصول على معلومات واعترافات، قد تجبر المعتقل بالبوح والاعتراف بما لا يقوم به، والمكوث في السجون لفترات تصل لأكثر من عشر سنوات بدون قضية حقيقية.
تشريع التعذيب
* تمارس سلطات الاحتلال وآلة القمع الإسرائيلية شتى أنواع التعذيب بحق الأسرى.. هل لك أن تطلعنا على هذا الجانب؟
– المحاكم الإسرائيلية ولجان قانونية شرعت التعذيب تحت ذريعة الأمن لاستخدام القوة المفرطة للحصول على اعترافات، فالمحكمة الإسرائيلية العليا شرعت التعذيب بسماحها بوسيلة “الهز” وممارسة ما يسمى “الضغط المعقول” وأتاحت للشاباك مواصلة الضغط على المعتقلين، ولجنة لنداو عام 1987 وضعت الأساس لشرعنة التعذيب، ومنحت مقترفيه الحصانة القضائية، ومنحت الضوء الأخضر لاستمرار تعذيب المعتقلين بأشكال وظروف عدة .
وكل من مرَّ بتجربة الاعتقال بغض النظر عن جنسه أو عمره، بمن فيهم الأطفال والنساء وكبار السن تعرضوا للتعذيب الجسدي أو النفسي من خلال ضربهم فور الاعتقال بالبساطير وأعقاب البنادق واستخدام الكلاب المتوحشة والصعقات الكهربائية والتحرش الجنسي خاصة مع الأطفال وإجبارهم على التعري والقرفصة، وتغطية الرأس بكيس ملوث، وعدم النوم، وعدم تقديم العلاج للمرضى، والوقوف لفترات طويلة، وأسلوب العصافير وما ينتج عنه من تداعيات نفسية، ورش الماء البارد والساخن على الرأس، والموسيقى الصاخبة، ومنع الأسير من القيام بالشعائر الدينية، وتعرية الأسرى، ومنع الخروج للمرحاض بشكل طبيعي، ويستعوض عنه بسطل (جردل) يقضي الأسير به حاجته تنبعث منه الروائح الكريهة في نفس الزنزانة، واستخدام الضرب المبرح، وربطهم من الخلف إما على كرسي صغير الحجم أو على بلاطة متحركة بهدف إرهاق العامود الفقري للأسير وإعيائه، والشبح لساعات طويلة، إلى جانب استخدامها أساليب الهز العنيف للرأس الذي يؤدي إلى إصابة الأسير بعاهة مستديمة وغير ذلك من وسائل ممنوعة والمخالفة لحقوق الإنسان، ولقد كان ضحية التعذيب منذ العام 1967 لحتى الآن ما يقارب من 73 معتقلاً .
* هل من قوانين أصدرتها سلطات الاحتلال بحق الأسرى؟
– تم مناقشة أكثر من 12 قانوناً بحق الأسرى في السنوات الأخيرة والمصادقة على بعضها، كقانون شاليط والتغذية القسرية، وعدم منح العفو عن الأسرى قبل إنهاء اعتقالهم والمعتقل غير الشرعي، وقوانين لها علاقة بالتضييق على الأسرى في الزيارات وإدخال الأموال واحتياجات الأسرى..
حملات تحريض
* نلحظ بين الحين والآخر حملات من التحريض الإسرائيلية بحق الأسرى.. هل لك أن تجمل لنا هذه الحملات والتصريحات المتطرفة التي تنال من الأسرى؟
سياسيون ووزراء ونواب في الكنيست الإسرائيلي يحرضون على الأسرى الفلسطينيين، ويعطون الذريعة لأجهزة الأمن وإدارة مصلحة السجون لعدم الالتزام بالحقوق الأساسية للأسرى أسوة بحقوق الأسرى في العالم .
من ضمنهم وزير الاقتصاد الإسرائيلي “نافتالي بينت” الذي نادى بإعدام الأسرى، ووزير الخارجية أفيغدور ليبرمان الذي اعتبر أن الحل الوحيد لإنهاء ملف الأسرى بإلقائهم في البحر الميت، والوزير السابق سيلفان شالوم الذي طالب بإعادة النظر بتنفيذ أحكام الإعدام بحق الأسرى، ورئيس الوزراء الأسبق أيهود باراك الذي قال ” على الأسرى الفلسطينيين أن يتعفنوا في السجون الإسرائيلية “، وتصريح لوزير الأمن الداخلي الأسبق “إسحاق هنجبي” عقب إضراب الأسرى عن الطعام قائلاً ” دعوهم يموتون “، والنائبة ميري ريغف عن حزب الليكود والتي وصفت الأسرى بالحيوانات البشرية وينبغي التعامل معهم بما يتناسب مع ذلك، والنائب عن الليكود: داني دانون والنائب يوريف لفين اللذان اقترحاً قانون شاليط الذي ينص على مضاعفة معاناة الأسرى وحرمانهم من الحقوق الأساسية كالتعليم “ومن مثل “ايال جيفن” الذي دعا لقتل الأسرى وخنقهم بالغاز السام كما ورد على لسانه.
الأسيرات
* بالرغم من أن صفقة وفاء الأحرار “شاليط” نصت على إطلاق سراح كافة الأسيرات، إلا أن الاحتلال تلاعب في هذه القضية وواصل اعتقال الفلسطينيات.. كم أسيرة في سجون الاحتلال الآن وما هي ظروفهن؟
– هنالك 17 أسيرة في السجون أقدمهن الأسيرة لينا أحمد صالح الجربوني من بلدة عرابة 1948 والمعتقلة منذ 18/4/2002 وهى أقدم الأسيرات، وترتكب إسرائيل عشرات الانتهاكات بحق الأسيرات في السجون أهمها طريقة الاعتقال الوحشية للأسيرة أمام أعين ذويها وأطفالها الصغار، وطرق التحقيق الجسدية والنفسية، والحرمان من الأطفال، والإهمال الطبي للحوامل منهن، والتكبيل أثناء الولادة، وأشكال العقاب داخل السجن بالغرامة والعزل والقوة، والاحتجاز في أماكن لا تليق بهن “الأسيرات” والتفتيشات الاستفزازية من قبل إدارة السجون، وتوجيه الشتائم لهن والاعتداء عليهن بالقوة عند أي توتر وبالغاز المسيل للدموع، سوء المعاملة أثناء خروجهن للمحاكم والزيارات، أو حتى من قسم إلى آخر، والحرمان من الزيارات أحياناً، وفى العزل يكون سجينات جنائيات يهوديات بالقرب من الأسيرات الأمنيات، عدم الاهتمام بأطفال الأسيرات الرضع وحاجاتهم .
الأطفال في السجون
* وماذا بخصوص الأسرى الأطفال؟
– هنالك ما يزيد عن 250 طفلاً دون سن ألـ 18 في السجون، والأطفال يتعرضون لانتهاكات صارخة تخالف كل الأعراف والمواثيق الدولية، التي تكفل حماية هؤلاء القاصرين وتأمين حقوقهم الجسدية والنفسية والتعليمية وتواصلهم بأهاليهم ومرشدين يوجهون حياتهم، والتعامل معهم كأطفال وليس كإرهابيين كما تتعامل معهم إدارة السجون.
كما يعانى الأسرى الأشبال من فقدان العناية الصحية والثقافية والنفسية وعدم وجود مرشدين داخل السجن، واحتجازهم بالقرب من أسرى جنائيين يهود في كثير من الأحوال، والتخويف والتنكيل بهم أثناء الاعتقال .
اعتقال النواب والوزراء
* النواب لهم حصانة دبلوماسية تحميهم في كل دول العالم، إلا أن الأمر هنا يختلف، فقد اعتقل الاحتلال العشرات منهم مراراً وتكراراً.. كم نائب لا يزال في سجون الاحتلال؟
– إسرائيل تعتقل (24) نائباً ووزيرين سابقين، ومعظم هؤلاء النواب هم معتقلون إدارياً يتم تمديد اعتقالهم مع اقتراب الإفراج عنهم في كل مرة، ويعتبر استمرار احتجاز النواب واستمرار الاعتداء سابقة خطيرة غير مقبولة في العالم، وارتفع عدد النواب في المجلس التشريعي الفلسطيني بعد عملية الخليل، بعد اعتقال العديد منهم في إطار الحملة الأخيرة، وجميع النواب الذين جرى اعتقالهم مؤخراً هم أسرى سابقون قضوا سنوات عديدة في السجون.
الاعتقال الإداري
* تمارس سلطات الاحتلال الاعتقال الإداري بشكل متواصل رغم مخالفته للقانون الدولي.. ما هو الاعتقال الإداري وكم من أسير إداري لا يزال يقبع في سجون الاحتلال؟
– يقبع في السجون (550) معتقلاً إدارياً، والاعتقال الإداري هو اعتقال يتم القيام به استناداً إلى أمر إداري فقط ضمن ملف سرى وبدون حسم قضائي، وبدون لائحة اتهام ومحاكمة، وتستعمل إسرائيل الاعتقال الإداري بصورة فظة وتحت غطاء كبير من السرية، وبدون الإفصاح لهم عن التهم الموجهة لهم، ودون السماح لهم أو لمحاميهم من معاينة المواد الخاصة بالأدلة. وعلى مدار السنين اعتقلت إسرائيل آلاف الفلسطينيين ضمن الاعتقال الإداري لفترات تراوحت بين أشهر إلى سنين، وكان العدد الأكبر من المعتقلين خلال الانتفاضة الأولى خاصة في العام 1989 حينها تم التحفظ على 1794 فلسطينياً في الاعتقال الإداري.
إعادة اعتقال المحررين
* أعادت سلطات الاحتلال اعتقال أسرى محررين.. كم من أسير محرر أعيد اعتقاله؟ وما هو تعقيبكم على ذلك؟
– في أعقاب العملية العسكرية في الضفة خلال شهر يونيو / حزيران 2014 قام الجيش بإعادة اعتقال أكثر من 60 أسيراً محرراً من الضفة الغربية، منهم 7 أسرى محررين من القدس، من الذين تم الإفراج عنهم في صفقة “وفاء الأحرار” هذا بالإضافة لإعادة اعتقال عدد آخر من المحررين ما قبل العملية، ويهدد هؤلاء بخطوات تصعيدية في حال تعنت الحكومة الإسرائيلية بالإفراج عنهم، حيث أن قرار اعتقالهم سياسياً بحتاً، وليس له علاقة بقضية الأمن كون أن جميعهم التزموا ببنود الاتفاق، ولم يرتكب أي منهم أي خرق له، وهو اعتقال تعسفي، وإعادة الأحكام أو التلويح بها باطل، لذا على المنظمات الدولية والحقوقية والأشقاء المصريين التدخل .
1500 أسير مريض
* الأسرى المرضى يعانون الأمرين في سجون ومعتقلات الاحتلال.. ما هي آخر التطورات بشأنهم وصورة أوضاعهم الصحية والمعيشية؟
– هنالك ما يزيد عن ( 1500 ) أسير ممن يعانون من أمراض مختلفة تعود أسبابها لعدم القيام بالعمليات اللازمة، وإدخال الطواقم الطبية المتخصصة، أو إجراء الفحوصات المخبرية المطلوبة، وكذلك بسبب ظروف الاعتقال الصعبة والمعاملة السيئة وسوء التغذية والاستهتار الطبي، والأخطر أن من بينهم ما يزيد عن 150 أسيراً ممن يعانون من أمراض مزمنة وخطيرة كالسرطان والقلب والكلى، وآخرين ممن يعانون من مرض السكر والضغط وغيرها .
وهنالك ما يزيد من ( 15) أسيراً مقيمون بشكل دائم في ما يُسمى ” بمستشفى مراج بسجن الرملة “، بعضهم غير قادر على الحركة، في ظل استمرار تجاهل معاناتهم من قبل إدارة السجون وعدم تقديم الرعاية الصحية والعلاج اللازم لهم، مع العلم أن إدارة السجون لا تقوم بفحص طبي مخبري للأسرى في السجون طوال وجودهم في الاعتقال حتى ولو أمضى في السجون ما يزيد عن ثلاثين عاماً متواصلة، وأن إدارة السجون لا تقوم بتقديم العلاج اللازم للأسرى المرضى، ولا تسمح بإدخال طواقم طبية لعلاج الأسرى، وترفض تسليم ملفات طبية للأسرى المرضى لعرضها على أطباء خارج السجون، الأمر الذي يوقع المزيد من الشهداء سواءً كانوا في السجون، أو بعد التحرر متأثرين بأمراضهم التي توارثوها داخل المعتقلات والزنازين
العزل الانفرادي
* العزل الانفرادي إحدى الإجراءات العقابية التي تمارسها إدارة السجون بحق الأسرى.. ما هو المقصود بالعزل الانفرادي؟
– يعتبر العزل من أقسي أنواع العقوبات التي تلجأ إليها إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية ضد الأسرى، حيث يتم احتجاز الأسير بشكل منفرد في زنزانة معتمة وضيقة لفترات طويلة من الزمن لا يسمح له خلالها الالتقاء بالأسرى.. يعيش الأسرى المعزولون في أقسام العزل ظروفاً جهنمية لا تطاق مسلوبين من أدنى معايير حقوقهم الإنسانية والمعيشية، يتعرضون للضرب والإذلال بشكل يومي، معزولين اجتماعياً عن سائر زملائهم بالسجن وعن العالم الخارجي، ويمكن تشبيه الزنازين التي يعزلون فيها بالقبور، وقضى بعض الأسرى سنوات طويلة في زنازين انفرادية معزولين عن العالم الخارجي كلياً، وخرجوا منها مصابين بأمراض نفسية وعضوية خطيرة .
206 شهيد
* كم يبلغ عدد شهداء الحركة الأسيرة؟
– سياسة التعذيب الجسدي المحرم دولياً والذي أباحته ما تسمى بمحكمة العدل العليا في إسرائيل وشرعنت هذا الانتهاك تحت مبررات أمنية واهية، وبسبب الاستهتار الطبي المتعمدة بحق الأسرى المرضى في السجون أودت بحياة 206 من شهداء الحركة الوطنية الأسيرة.
شهداء مقابر الأرقام
* شهداء مقابر الأرقام ملف شائك لا يزال يرهق كاهل عشرات الأسر الفلسطينية التي لا تعلم حتى الآن مصير أبنائها.. كم من شهيد لا يزال جثمانه محتجزاً في هذه المقابر؟ وما هو موقفكم من عقاب الشهداء؟
– لا يزال لدى الاحتلال ما يقارب من 280 جثماناً محتجزاً، و70 مفقوداً، وإسرائيل هي الدولة الوحيدة في العالم التي تعتقل الموتى لأكثر من ربع قرن متواصلة، كما يحدث برفضها تسليم جثامين شهداء معتقلين في مقابر للأرقام منذ العام 1978 وهناك العشرات من الشهداء يواريهم الاحتلال بلا أدنى حرمة وفق كرامة إنسانية تحفظها كل الشرائع السماوية فيما يسمى بمقابر الأرقام .
وآخر انتهاك في هذا الملف إبلاغ المحكمة الإسرائيلية العليا عن فقدان جثمان الشهيد أنيس محمود دولة الذي استشهد في سجن “عسقلان” عام 1980 بعد إضرابه عن الطعام 30 يوما، والتنصل من مسؤولياتها تجاه هذه الجريمة.
وإسرائيل تنتهك القانون الدولي الإنساني ومعايير حقوق الإنسان الذي يلزم أي دولة احتلال بتسليم الجثامين إلى ذويهم، واحترام كرامة المتوفين ومراعاة طقوسهم الدينية خلال عمليات الدفن.
إبداع الأسرى
* بالرغم مما يعانيه الأسرى داخل السجون والمعتقلات، إلا أنهم سطروا إنجازات وإبداعات متعددة ومتنوعة.. هل يمكن إلقاء الضوء على هذه الإبداعات؟
– بصمودهم وصبرهم وتحديهم حوّلوا تلك المحنة إلى منحة، وانتصروا على سجانيهم فحولوا سجونهم إلى حياةٍ مفعمة بالحيوية والنشاط والنظام والرياضة والدراسة وجميع جوانب الإبداع. فالأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي أبدعوا بصبرهم على سنوات الاعتقال وتكيفهم لأكثر من 30 عاماً على أذى السجان غير المسبوق، وأبدعوا في إيجاد المؤسسات الديمقراطية للتنظيمات الفلسطينية في السجون، و بين السجون، و في السجن الواحد، و في التنظيم الواحد، وأبدعوا في تجربة الإضرابات المفتوحة عن الطعام والتي وصلت لمئات الأيام، وأبدعوا حينما أوجدوا معادلة توازن بينهم وبين إدارة مصلحة السجون، رغم الإمكانيات الأخيرة مقابل افتقار الأولى من الإمكانيات المادية. وأبدعوا في أشكال التواصل والاتصال بين السجون وخارجها، وفي تجارب التعليم ومحو الأمية والتعليم الذاتي والجامعي وحصولهم على الدراسات العليا من جامعاتٍ إسرائيلية وعربية وأجنبية. وأبدعوا في البناء الثقافي، وفي التأثير السياسي، وصنعهم لوثيقة الوفاق الوطني الفلسطيني، والتي تعتبر قاعدة انطلاق المصالحة الفلسطينية وتحقيق الوحدة الوطنية، والتي قوّضت أحلام الاحتلال بإبقاء الانقسام الفلسطيني، كما ذكر الرئيس السابق لدولة الاحتلال “شمعون بيريس”: “إن واحدة من أهم إنجازات دولة “إسرائيل” تتجسد بالانقسام السياسي الفلسطيني الذي جرى في حزيران 2007م، ووضعه على نفس المرتبة من الأهمية مع إنشاء دولة “إسرائيل” عام 1948م، والهزيمة التي ألحقت بالعرب في حزيران عام 1967م .
وأبدع الأسرى في السجون الإسرائيلية في إنتاج عددٍ كبير من الفنون الأدبية والمسرحية والرسوم والصناعات اليدوية، كالمجسمات المادية المعبرة بكل أنواعها وأشكالها، وانصب اهتمام بعض المعتقلين في الأمور الفنية كالرسم، وعمل الأشكال المختلفة من المسامير، والخيوط الملونة، فقد أنتجت المعتقلات العديد من الأعمال الفنية كاللوحات، والمسابح المصنوعة من بذور الزيتون، كما اهتم عددٌ من المعتقلين بالأمور الأدبية ككتابة القصة والرواية والشعر، وقد أصدرت المعتقلات الكثير من هذه الأعمال .
وأبدعوا في ابتكار الوسائل النضالية لتحقيق الحقوق الأساسية، وأبدعوا في إدخال الهواتف النقالة لداخل السجون لتوفير الاتصال بالأهل في ظل منع الزيارات لسنواتٍ طويلة، وفي إخراج النطف وإنجاب الأطفال رغم الاعتقال وتدقيق السجان في تجربةٍ فريدة من نوعها، وتخرجت من السجون شخصياتٌ سياسيةٌ وإعلامية وقادة عسكريون أبدعوا بمشاركاتهم في كلّ الميادين.
فالأسرى الفلسطينيون كجماعةٍ منظمة أُخضعت لشروط حرمان شديدة تجشموا الكدّ المضني، وبذلوا جهوداً جبارة في بناء شخصياتهم وتنمية قدراتهم، واستنبطوا وسائل بسيطة من محيطهم ساعدهم على التعبير عن أحاسيسهم وأفكارهم وتحويلها إلى خطوط تشكل المادة المختارة لتغدو قطعةً فنيةً تتجلى فيها القدرة الإبداعية الطالعة من أتون الحرمان النفسيّ والاجتماعي وحصار السجان، هذا التجلي في نظرة التجربة الجمالية من خلال الممارسة.
* ما هو المطلوب لدعم ومناصرة قضية الأسرى؟
– إذا سلمنا ضمن كل ما سبق بأن حياة الأسرى الفلسطينيين في خطر، وأن إسرائيل تنتهك القانون الدولي الإنساني واتفاقية جنيف ولا تلتزم بالحقوق الأساسية للأسرى قياساً بكل إدارات مصلحة السجون في العالم.. من هنا على المؤسسات الإقليمية والدولية، وعلى رأسها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية والإنسانية ومجموعات الضغط أن تحمى القوانين والاتفاقيات التي تحفظ الإنسان في السلم والحرب.
وعلى صناع القرار والدوائر الرسمية في الاتحاد الأوربي والبرلمانات الديمقراطية المختلفة والمحاكم الدولية أن تتدخل من أجل إنقاذ حياة الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية قبل فوات الأوان، ومحاكمة زعماء الاحتلال الداعين لقتلهم والتضييق عليهم، ومطالبة إدارة مصلحة السجون بالإقلاع عن سياساتها العنصرية ضدهم، والعمل على تقديم منتهكي حقوق الإنسان منهم والتي وصلت لجرائم حرب ضمن شهادات مشفوعة بالقسم من الأسرى في داخل السجون والمحررين خارجها، والضغط على إسرائيل لحمايتهم ورعايتهم ضمن شروط وحقوق تم الاتفاق عليها دولياً .
تعريف بالضيف
* الخبير في شؤون الأسرى الأسير المحرر/ رأفت خليل حمدونة
– مواليد مخيم جباليا 8/8/1970
– الاعتقال: في العام 23/10/1990 على خلفية نضالية وحُكم عليه بالسجن لمدة 15 عاماً وإغلاق جزء من بيته، أمضى فترة اعتقاله في سجون عدة منها “عزل الرملة، عسقلان، نفحة، بئر السبع، هداريم، ريمونيم، جلبوع ” وتم تحريره في 2005 بعد قضاء كامل محكوميته.
– حصل على شهادة البكالوريوس في علم الاجتماع والعلوم الإنسانية من الجامعة المفتوحة في إسرائيل – تل أبيب خلال فترة اعتقاله ، وحصل على شهادة امتياز منها في العام 2011
– يحمل درجة الماجستير في الدراسات الإقليمية مسار ” دراسات إسرائيلية ” وبتقدير ممتاز 90.9 % من جامعة القدس / أبو ديس في العام 2007 / 2008.
والآن يواصل دراسته العليا “الدكتوراه علوم سياسية بجمهورية مصر العربية في معهد البحوث والدراسات العربية”، ويعد رسالته تحت عنوان ” الجوانب الإبداعية للحركة الوطنية الفلسطينية الأسيرة من العام 1985 حتى 2015″.
– من مؤلفاته داخل الاعتقال ” نجوم فوق الجبين – عاشق من جنين – الشتات – ما بين السجن والمنفى حتى الشهادة – قلبي والمخيم – لن يموت الحلم – صرخة من أعماق الذاكرة
– يعمل بدرجة مدير عام بوزارة شئون الأسرى والمحررين ” الهيئة اليوم “
– وعمل سابقًا مستشاراً لوزير الأسرى للشؤون الإسرائيلية – ومدير لدائرة القانون الدولي
– وشغل الممثل الاعلامى لوزارة الأسرى في المحافظات الجنوبية ” غزة ” .
– عمل محاضراً بشكل غير متفرغ بجامعة القدس المفتوحة.
– عمل مذيعاً ومقدم برامج إذاعية وتلفزيونية في العديد من المؤسسات الإعلامية منها إذاعة القدس وفضائية المنتدى وفضائية هنا القدس، ومدير للبرامج في إذاعة صوت الأسرى.
– عضو سابق في لجنة الأسرى للقوى الوطنية والإسلامية بغزة .
– مدير مركز الأسرى للدراسات والأبحاث الإسرائيلية .
– عضو في نقابة الصحفيين الفلسطينيين والدوليين .
______________________________
مركز الأسرى للدراسات