سد الذرائع: لأجل الشعب والوطن والقضية…. ولكي تبقى حماس… – الدكتور/ أيوب عثمان
حيث انقضى ما يزيد عن ثلاثة أشهر على نهاية الحرب العدوانية لدولة الاحتلال العسكري الإسرائيلي على قطاع غزة، دون إنفاذ ما تم الاتفاق عليه من فتح المعابر بغية رفع الحصار وإعادة الإعمار وزيادة عمق الصيد البحري و…و… إلخ، على طريق استرجاع الحياة الطبيعية لأهل قطاع غزّة،
وحيث إن شيئاً واحداً مما انتظره أهل قطاع غزّة من انفراج، بناءً على ما تم الاتفاق عليه، لم يتحقق حتى اللحظة،
وحيث إن استمرار الحال على ما هو عليه من حصار وفقر ومرض ومنع سفر، حيث لا معابر ولا دواء ولا كهرباء، وربما لا ماء ولا هواء، إنما ينذر بانفجار شديد من كل نوع وفي كل اتجاه،
وحيث إن بقاء الحال على ما هو عليه من سوء يرتبط بذرائع الاحتلال العسكري الإسرائيلي تارةً، فيما يرتبط بذرائع فلسطينية داخلية تارةً أخرى،
وحيث إن باب سدّ الذرائع- بصفته مطلباً شرعياً- لا بد من أن يطرق، لا سيما بين الأصدقاء والإخوة والأقربين قبل الأعداء والأبعدين،
وحيث إن “حكومة التوافق الوطني” قد قيل فيها وعنها الكثير الكثير: لماذا لا تأتي؟! لماذا لا تذهب؟! لماذا لا تنهض بمسؤولياتها؟! لماذا لا تتسلم عملها؟!
وحيث إن “حماس” هي الأخرى قد قيل فيها وعنها الكثير: لماذا لا تمكن “حماس” حكومة التوافق من استلام مهماتها؟! لماذا لا تمكنها من العمل؟! لماذا تضع العراقيل أمامها؟!
وحيث إن قول رئيس الحكومة السابقة في غزّة، إسماعيل هنية: “غادرنا الحكومة ولم نغادر الحكم”، ما يزال يستخدم لازمة موسيقية ضد “حماس”، شاهداً على تشبثها بالحكم، بعيداً عن أيّ مسؤولية وطنية منها تجاه الشعب والوطن والقضية،
فإنني أرى أنه من أجل الصالح العالم للشعب ومن أجل الوطن، ولكي تبقى “حماس” رقماً صعباً في معادلة الصراع، وكي تفرض نفسها جزءاً من المستقبل، فإنني أرى- سدّاً للذرائع وردّاً للتهم- أن تقوم “حماس”- اليوم قبل الغد- بفعل من خطوتين:
الأولى: أن تعلن “حماس” عن تاريخ محدد بيومه وساعته لتكون حكومة غزة السابقة قد غادرت فيه بكاملها جميع أماكن تواجدها، مفسحةً بذلك المجال لحكومة التوافق، حتى وإن انتهى أجلها! وفي هذا، يحسن بحركة “حماس” أن تعلن، عبر الفضاءات المفتوحة، عن ذلك، قبل أن تغادر حكومتها السابقة كلّ مواقعها بوقتٍ كافٍ يتم خلاله تكرار الإعلان مرةً ومرةً ومرات، وعلى مدار أيام، دون أدنى إثارة أو تجريح أو استنفار أو استفزاز يؤذي الفكرة الجامعة لشعبنا والموحّدة لأهدافه وقواه.
الثانية: أن تنفذ “حماس” حرفياً ما كانت قد أعلنت عنه، وهو أن تغادر في التاريخ المحدّد بيومه وساعته من كل المواقع التي كانت تتواجد فيها، ومن بينها- بل ومن أهمها- المعابر التي نرى التركيز عليها أكثر من سواها.
هذا، وإنني أرى أن يكون الإعلان موجهاً بالدرجة الأولى للشعب الفلسطيني كله وفي جميع أماكن تواجده، ثم بالدرجة الثانية لحكومة التوافق الوطني التي يرى الشعب بكل فئاته ومؤسساته وفصائله وقواه أنه لا محيص ولا مصرف لها عن أن تنهض على الفور بمسؤولياتها، دون إبطاء أو لفٍّ أو دوران أو مراوغة، وإلا… فإن الشعب هو الحَكَم.
كاتب وأكاديمي فلسطيني
جامعة الأزهر بغزة