هكذا عرفت الحكيم جورج حبش – نضال حمد
بعد اسبوع وتحديدا في 26-1-2015 يكون قد مضى على رحيل الحكيم العظيم جورج حبش 7 سنوات.وتكون فلسطين فقدت أحد أهم أعمدة النضال الوطني والقومي والأممي، التي ارتكزت عليها الثورة الفلسطينية المعاصرة. ونكون منذ ذلك الوقت قد فقدنا اب اليساريين والتقدميين والثوريين المؤمنين بالعنف الثوري في فلسطين والبلاد العربية.
لم يكن الحكيم حكراً على الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وحركة القوميين العرب اللتان أسسهما مع رفاقه الأبطال من فلسطينيين وعرب. ومن هؤلاء من استشهد ورحل ومنهم من لازال يواصل مسيرة الثورة المستمرة.
تعرفت على اسم الحكيم وحفظت صورته ونبرات صوته وبعض جمله الماثورة منذ طفولتي في مخيمنا عين الحلوة .. وكان الحكيم بالنسبة لي هو القائد الملهم والمعلم الذي يقود المسيرة الثورية نحو تحرير فلسطين كل فلسطين.
في بداية نشاطي السياسي كفتى في مقتبل العمر، أو كصبيّ ناشئ، التحقت بمنظمة الشبيبة التابعة للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وكنت أحرص على القراءة والمطالعة، فقرأت وطالعت كتباً كثيرة عن الثورات العالمية ومنها تجربة الاتحاد السوفيتي ودول المنظومة الاشتراكية، والصين وكوريا وفيتنام والجزائر واليمن الديمقراطي. ويعود الفضل في كل ذلك لسياسة التعبئة التنظيمية التي مارستها الجبهة في اطرها التنظيمية المختلفة.
كنا انا واقراني من الرفاق ننتظر بفارغ الصبر اي مهرجان يتحدث فيه حكيمنا فنسارع للمشاركة حتى لو كان المهرجان في اماكن ومناطق بعيدة عن مخيمنا عين الحلوة مثل بيروت وصور وغيرها من المناطق اللبنانية.
كنا انا واقراني اي رفاقي نشارك في اي تظاهرة تخرج للجبهة او لجبهة الرفض فيما بعد، وكنا نصر على الهتاف للحكيم وبحياته. مثل هتافنا: “اطلب يا حكيم عندك مليون جيفارا جبهة والرفض كلهم رهن الاشارة”. وكنا نغني له في مساكن الطلبة الجامعية بالدول الاوروبية الاشتراكية فيما بعد “جبهة الشعب وشعب الجبهة” …
فيما بعد وعقب الاجتياح الصهيوني سنة 1978 وحيث تألق الرفيق القائد أبو احمد فؤاد في قيادة عملية التصدي للاجتياح. هناك في الجنوب اللبناني و في منطقة صور تعرفت على الحكيم وتكلمت معه وانشدت له ولفلسطين مع رفاقي على خشبة مسرح سينما الحمراء في صور. وبالمناسبة فأن الفنان المسرحي الشاب قاسم استنبولي يعيد منذ فترة احياء هذا المسرح وهذه السينما بمشاركات عربية وعالمية منها أيضا الفلسطينية. انشدنا لفلسطين وللثورة وللقوى التقدمية العربية وللحلفاء الامميين. وكان رفيقنا الفدائي العربي التونسي محمد علي هو الملحن والمغني الأول ونحن كورسه.
في ذلك اللقاء تعرفت للمرة الأولى عن قرب على الحكيم وعرفت كم هو عظيم. ومضت السنوات و تركت الجبهة الشعبية والتحقت بجبهة التحرير الفلسطينية مع القائد الشبيه بالحكيم تواضعا وفكرا ونظافة و عنفوان، الشهيد طلعت يعقوب أمين عام جبهة التحرير الفلسطينية. وفي أحد المهرجانات التي جرت في قاعة جمال عبد الناصر في الفاكهاني ببيروت التقيت سنة 1981 للمرة الثانية بالحكيم. فسلمت عليه وذكرته بنفسي وبلقاء صور قبل سنوات، فسألني الحكيم عن مكاني فقلت له انني اعمل مع الرفيق ابو يعقوب. فربت على كتفي وقال لي :لم نخسرك.
كان الحكيم يود ويعز الشهيد طلعت يعقوب معزة خاصة .. وترجم ذلك ببكائه الشديد وموقفه التاريخي يوم جنازة الرفيق طلعت يعقوب في دمشق ومخيم اليرموك.
شاءت الصدفة أن أكون في مخيم اليرموك يوم وفاة الرفيق المعلم أبو ميساء .. وتشرفت في المهرجان التأبيني الذي أقامته الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين لقائدها ومؤسسها أن ألقي كلمة الجاليات والمؤسسات والشخصيات الفلسطينية في أوروبا والشتات. وكانت كلمة مرتجلة تليق بالحكيم ومدرسته الثورية الرائدة. للأسف الرفاق في الجبهة لم يلتزموا بوعدهم لي ولم يرسلوا الكلمة المصورة.
بعد عام على رحيله أقامت الجالية الفلسطينية في غرب ألمانيا في مدينة فوبرتال، مدينة الرفيق الراحل خالد أيوب رفيق الحكيم، مهرجانا شعبيا ضخما لاحياء الذكرى الأولى لرحيله وتشرفت مرة ثانية بالقاء كلمة بالمناسبة بأسم كتاب ثقافة المقاومة في فلسطين.
إن كنت نادماً على أشياء في حياتي فأولها فقداني بعد غزو لبنان 1982 لصور كثيرة منها صورة يتيمة في مدينة صور بالجنوب اللبناني مع المعلم الخالد الحكيم.
الثوريون الذين لا يموتون باقون مع رفاقهم ومع مقاومة شعبهم ..
نضال حمد
اوسلو 20-1-2015
الرفيق محمد علي التونسي ينشد بحضور الحكيم في حصار بيروت 1982