نشرة كنعان الإلكترونية – عادل سمارة، ثريا عاصي، محمد سيف الدولة،
كنعان النشرة الإلكترونية
Kana’an – The e-Bulletin
السنة الخامسة عشر ◘ العدد 3759
24 شباط (فبراير) 2015
في هذا العدد:
■ في السياسة /الاقتصاد والطائفة والدين، عادل سمارة
■ الحريق اليمني، ثريا عاصي
■ الاستهبال الدولى، محمد سيف الدولة
■ “كنعان” تتابع نشر كتاب “ظلال يهو/صهيو/تروتسكية في المحافظية الجديدة”
تأليف د. عادل سمارة
● ● ●
في السياسة /الاقتصاد والطائفة والدين
عادل سمارة
يختلف المفكرون يمينا ويساراً بوضوح في ما هو العامل المقرر في الحياة الاجتماعية والسياسية في نهاية المطاف هل هو السياسة/مقلوبة للإقتصاد أم هو الدين ممتطىً من برجوازية الطائفة.
البرجوازيون دائما يذهبون باتجاه دور الفرد أو الغيب أو الصدفة متهربين من الواقع المادي، وبالتالي يقدمون للطبقات الشعبية درسا سهل القبول وعديم الفائدة بل فيه ضلال مبين. ولذا، يُسهل تجنيد الفقراء للحرب الطائفية ضمن حالة من العمى الطبقي، والاقتناع بان قدر الفقير ان يبقى فقيرا، ولكي يعيش لا مجال امامه سوى الاحتماء ببرجوازية الطائفة. هذا مع انه هو الذي يحميها دون ان يدري.
اليسار يذهب إلى أن المصالح المادية هي التي تقرر بلا مواربة، ويعرف طبعا ان درسه معقد نوعا ما مما يشترط جهدا لا باس به لنقله للناس. ومما يزيد الأمر صعوبة أن بعض اليسار لا يفهم اليسار.
هذه المقدمة الطويلة هي للوصول إلى السؤال التالي:
كيف يمكن للكثير من الشارع العربي، لا اقول الحكومات، أن يتغاضى عن ان تركيا تعترف بالكيان وتقيم معه علاقات منذ زرعه في فلسطين علاقات من مختلف المستويات ولم تتزحزح عنها.
كيف يمكن لأحزاب إسلامية وخاصة الإخوان والتحرير ان تتغاضى عن هذا الدور التركي وتعتبر تركيا خلافة الإسلام؟ لا نريد هنا الرجوع إلى دور السلطان عبد الحميد في خدمة الصهيونية، فهناك من يشككون في هذا. ولكن تركيا لا تخفي علاقتها بالكيان؟
هل هؤلاء الذين يغضون الطرف لتركيا هكذا هم حقا مسلمون؟ ولا نسأل إن كانوا عربا لأنهم يرفضون العروبة اصلاً.
إذا كان يقودهم الدين، فتركيا هي عدو حقيقي للمسلمين لأنها حليفة لعدو يغتصب بلدا معظمه من المسلمين وفيه الأقصى. وإن كانت تقودهم هوية طائفية، فتركيا تخون هذه الهوية لأنها حليفة للكيان ناهيك عن الغرب، وهما دينين آخرين.
يبقى علينا التفسير الآخر، وهو أن مصالح الراسمالية التركية هي التي تقودها، ومصالح القيادات التجارية والراسمالية هي التي تقود قيادات قوى الدين السياسي سواء التنظيمات أو قيادات الجزء من المذهب السني الحليفة لتركيا.
إذا كان هناك من تفسير آخر، فحبذا لو يُقدم للناس.
طبعا لا ينفع اللغو بأن الحكام العرب كذا وكذا. فليس في السؤال دفاعا عن الحكام، وليقول الإخوان فيهم “ما قاله ماللك في الخمر” . السؤال عن قبول الإخوان وتمفصلاتهم بتركيا سيدة عليهم. ومن ضمن السؤال إلى حركة حماس ، قيادات حماس التي تبايع تركيا منذ بدء الأزمة السورية؟
● ● ●
الحريق اليمني
ثريا عاصي
بصرف النظر عن الثرثرة والهذَرِ عن “الثورة” و”الديمقراطية” في موضوع الفواجع التي شهدتها بعض الدول التي اعتدنا التعويل عليها في بعث النهضة العربية من أجل توفير الشروط الضرورية واللازمة لإنجاز التحرر الوطني، كقاعدة للقرار المستقل ولبناء شراكة وطنية تتولى الإنماء والمحافظة على الأوطان، من البديهي القول أنه لم يبق في الراهن بلاد عربية تنعم بالهدوء خارج دول مجلس التعاون الخليجي، إذا استثنينا الحراك الشعبي في البحرين !
الحريق الليبي في الغرب يتهدد مصر والجزائر وتونس معا . حريق الشرق يلتهم الإنسان والعمران في العراق وسوريا . أخشى ما يخشى هو أن يتمدد إلى لبنان والأردن . نشب اللهب الآن في اليمن في جنوب الجزيرة العربية . تجدر الإشارة هنا إلى دور دول مجلس التعاون الخليجي الفاعل في إيقاد هذه النيران .
يحسن التذكير بالمنازعة التي وقعت سنة 1986، في اليمن الجنوبي، بين أعضاء الحزب الحاكم نفسه . آنذاك كان اليمن يمنين (كاسك يا وطن !) . ثم اتفق اليمنان في سنة 1990 على أن يتحدوا . ولكن حركة إنفصالية نهضت في سنة 1994 ضد هذه الوحدة . المعروف أنه قبل ذلك كان الجزء الشمالي ساحة لحرب ضروس، عقب إطاحة النظام الملكي في سنة 1962 . التي كانت في الواقع حرب استنزاف للجيش المصري، قام بتمويلها آل سعود، إستمرت إلى أن تعرضت مصر ومشروع الإتحاد العروبي، لهزيمة ماحقة في حزيران 1967 على يد المستعمرين الإسرائيليين وحلفائهم وأعوانهم .
ما أود قوله بعد هذه التوطئة، أن آل سعود استطاعوا شن حرب في اليمن ضد المصرين دامت خمس سنوات، وأن نار هذه الحرب خمدت عندما وافق آل سعود على إخمادها . بمعنى آخر ان في اليمن مجتمع قبائلي، مثلما أن المجتمعات في بلدان عربية غير اليمن، متعددة الديانات والمذاهب ومتعددة الإثنيات، أي اننا حيال مجتمعات متخلفة، دون مستوى الشراكة الوطنية الفعلية . ينبني عليه أنه ليس مستبعدا أن ترتبط بعض القبائل اليمنية بعلاقة مادية، بآل سعود أو بجهات إستعمارية، وأن تتوكل بتنفيذ خطة لن تعود بالخير على اليمنيين جميعا، في المدى القصير وفي المدى البعيد أيضا .
مجمل القول أن الحرب في اليمن لا تتوقف إلا إذا ارتضى آل سعود ذلك أو إذا أجبروا على أن يكفوا عن صب الزيت على نار الفتنة .
مهما يكن لا يمكننا البحث في القضية اليمنية، على ضوء ما يتناهى إلى العلم عن تدهور الأوضاع هناك وتعقيدات العلاقات بين الأطراف المتنازعة، دون إلقاء نظرة على ما يجري على الضفة الأخرى لمضيق باب المندب، أي في جيبوتي والصومال بوجه خاص، حيث يمكن القول أن الدولة في هذه البلاد تلاشت، وما يجري أيضا في القرن الأفريقي على وجه العموم .
اللافت للنظر أن مسؤولا مصريا صرح، بعد سيطرة الحوثيين على صنعاء، أن مصر لن تقف مكتوفة الأيدي إذا أغلق الأخيرون مضيق باب المندب، كأن باب المندب مسيـّب، وكأن القواعد الأميركية والفرنسية في جيبوتي، ومعهم المستعمرين الإسرائيليين أيضا، لا يمكلون جميعا قوة عسكرية، أكبر من قوة مصر، تسمح بإغلاق وفتح هذا المضيق .
مما لا شك فيه أن الخطاب الرسمي العربي متفكك . وبالتالي لا يمثل بالقطع الحكام العرب شيئا، و أن هدف المستعمرين هو هدم الإنسان العربي !
● ● ●
محمد سيف الدولة
((انتم اخطر منطقة فى العالم، انتم منبع اكثر الافكار والجماعات تطرفا. انتم مصدر اخطر العصابات الإرهابية. انتم تهددوننا جميعا. نحن نعلم ان بينكم معتدلين. ولكنهم لا يبذلون جهودا كافية لمقاومة التطرف والمتطرفين والارهاب والارهابيين. ولذا سوف نأتى اليكم بأنفسنا لكى نقضى على هؤلاء الاشرار))
***
هذه هى خلاصة الرسالة التى وجهها اوباما وحلفاؤه هذا الاسبوع فى مجلس الامن وفى قمة واشنطن لمكافحة التطرف والارهاب، وهى ذات الرسائل التى تصدرت المشهد منذ سقوط الموصل فى ايدى “داعش” فى صيف 2014. والتى أصبحت منذ ذلك الحين هى الخطاب الرسمى الموحد للولايات المتحدة الامريكية والاتحاد الاوروبى ومعهم الامم المتحدة وجامعة الدول العربية وكافة الانظمة العربية بالإضافة الى اسرائيل وتركيا وايران.
الجميع يتبارون فى التأكيد على عضويتهم فى نادى مكافحة التطرف والإرهاب العربى الاسلامى امام الكاميرات، بينما يعملون فى الكواليس على توظيف الاحداث والحملة الدولية، للتخديم على مصالحهم وأجنداتهم الخاصة. وعلى رأسهم نتنياهو الذى وجدها فرصة للضرب فى المقاومة الفلسطينية وتشبيهها بداعش، وتأسيس تحالفات مع دول عربية كبرى فى مواجهة الاسلام الراديكالى المتطرف الذى يمثل عدوا مشتركا للعرب وإسرائيل.
والبعض الآخر ذهب بعيدا فى التماهى مع الاتهام الامريكى الغربى، وتمادى فيه الى الدرجة التى عمم فيها الهجوم ليشمل جموع المسلمين فى العالم، مثل عبد الفتاح السيسى، فى خطابه الشهير فى الازهر بمناسبة المولد النبوى الشريف.
وهذا الخطاب التحريضى الامريكى/الدولى ليس جديدا علينا، فهو ذاته خطاب جورج بوش بعد سبتمبر 2001، ضد كل ما هو عربى او اسلامى، لتبرير غزوه لأفغانستان والعراق، وإعادة تشكيل عالم ما بعد سقوط الاتحاد السوفيتى. وهو الخطاب الذى يتم استدعاءه وتحديثه حسب الطلب والمصلحة.
***
ولقد حاول أوباما أن يغلف خطابه الأخير، بعبارات من الغزل للرأى العام الاسلامى، فكرر اكثر من مرة، ان المشكلة ليست فى الاسلام، وان غالبية المسلمين “طيبون و أخيار”، وان التطرف هو نتاج لعوامل اقتصادية واجتماعية وسياسية كثيرة كالفقر والاستبداد، وان هدف الولايات المتحدة الوحيد فى حملتها فى هو انقاذ المنطقة والعالم من هذا الشر المبين.
***
وهنا تتجلى حقيقة النفاق أو “الاستهبال” الامريكى والدولى المزمنة فى اوضح صورها، فهم ينتقون ما يناسبهم من اسباب للتطرف، ويطمسون الاسباب الحقيقية له؛ مثل الغزو الامريكى للعراق وافغانستان، وجبروت القوة العسكرية والنووية التى لا يمكن أن يقبلها الأحرار من البشر أو الأمم.
ورعايتهم ودعمهم للكيان الصهيونى واغتصاب كامل الارض الفلسطينية، وتغطيتهم ومباركتهم لمذابحه التى لا تتوقف، وآخرها العدوان الأخير على غزة.
ودورهم فى هزيمة 1967 وسرقة النصر فى 1973 وإكراه أنظمتنا على التنازل عن فلسطين فى كامب ديفيد واسلو ووادى عربة. وعن ظلم الامم المتحدة وانحيازها ضد الحقوق العربية على مر العقود.
لم يتحدثوا عن قرنين من الاستعمار الغربى المتواصل، وعن العنصرية والاستعباد وصناعة التخلف. وتصديهم لإجهاض كل مشروعات التحرر والاستقلال والنهضة والوحدة. أو عن الهيمنة الحديثة ونهب الثروات ودعم الانظمة الحاكمة التابعة المستبدة الفاسدة. وحماية العائلات المالكة الخليجية.
أو عن تخريب الاقتصاديات الوطنية بمؤسسات الاقراض الدولية وإغراق الاسواق العربية بالمنتجات الغربية، وضرب الصناعات الوطنية والتركيع الاقتصادى ان لزم الأمر. وعن صناعة واستقطاب طبقات رأسمالية عربية وكيلة وتابعة.
لم يتحدثوا عن دورهم فى تحويل الصراع العربى الصهيونى الى صراع عربى عربى. ومخططات التقسيم عبر تفجير الصراعات الطائفية والحروب الاهلية بالدعم والتمويل والتسليح والتدريب والتدخل والحظر الجوى والعقوبات الاقتصادية والتحالفات و القرارات الدولية.
لم يتحدثوا عن الاعلام الغربى المضلل المزيف المنحاز. أو عن عنصريتهم الثقافية والحضارية. و معاداتهم لكل ثقافات الشعوب الأخرى، ومحاولة القضاء عليها وتخريبها او تفريغها من اهم مبادئها وقيمها وإعادة تشكيلها من اجل خلق احتياجات استهلاكية كاذبة تتواءم مع متطلبات أسواقهم وتجارتهم واستثماراتهم. أو لصناعة مجتمعات بشرية مهزومة وخاضعة يمكن السيطرة عليها وتوجيهها. لا قدسية عندهم لاى حضارة او دين او عادات او تقاليد.
لم يتحدثوا عن محاولات اجهاض او احتواء او اختراق الثورات العربية، غير عابئين بالآلاف المؤلفة من الضحايا من القتلى والمعتقلين الذين أفنوا حياتهم من اجل تحقيق الحلم العربى القديم فى الحرية والكرامة والاستقلال.
وغيره الكثير والكثير.
***
ثم بعد كل ذلك يتهمونا بالتطرف، لو قاومناهم و رفضنا الخضوع لجبروتهم !
ان التطرف فى مواجهة الاحتلال والغزو والتقسيم والنهب والهزيمة والاستسلام والعنصرية والاستلاب الحضارى، هو رد الفعل الانسانى السوى الطبيعى الوحيد.
اما الارهاب بمعناه الحقيقى وليس بالمعنى الامريكى/الصهيونى، فنحن لم نره ونعيشه سوى على ايديكم وعلى ايدى ميليشياتكم المشبوهة التى زرعتوها فى اوطاننا.
***
وفى الختام، يجب الانتباه الى انه رغم كل شئ فان لدينا فرصة مواتية للرد والتصحيح، فهم يحشدون ويحتشدون فى كل مكان لتقييمنا ومحاكمتنا تمهيدا لمزيد من الانقضاض علينا، واستطاعوا بالفعل ان يوجهوا كل انظار العالم نحونا، وكأننا أصبحنا مشكلة البشرية الوحيدة، وقد يمثل ذلك ظرفا مناسبا لكى نكشف زيف اداعائاتهم، ونطرح الرواية الحقيقية لما فعلوه فى بلادنا.
● ● ●
“كنعان” تتابع نشر كتاب “ظلال يهو/صهيو/تروتسكية في المحافظية الجديدة”
تأليف د. عادل سمارة
بول وولفويتز نموذجاً للمحافظية واليهودية والتروتسكية واحتلال العراق
وهو يهودي من أصل بولوني ولد عام 1943، وقد هاجر والده جاكوب ولفويتز مع عائلته إلى نيويورك عندما كان عمره عشر سنوات، ثم نال الدكتوراه في الرياضيات من جامعة نيويورك، وصار واحدا من الخبراء الأميركيين في النظرية الإحصائية. وفي أثناء الحرب العالمية الثانية، قام جاكوب ولفويتز بدراسات لصالح الجيش الأميركي، وفي عام 1957 انتقلت العائلة إلى “إسرائيل”، بعد أن قبل جاكوب ولفويتز منصبا في جامعة “تخنيون” الإسرائيلية.
أتم بول ولفويتز دراسته العليا بجامعة شيكاغو، وتأثر كثيرا بـ”ليو شتراوس” الأستاذ بجامعة شيكاغو وأحد اليهود الناجين من المحرقة النازية وهو المنظر الأساسي لتيار المحافظين الجدد كما اشرنا، وكان ولفويتز رفيقا لجابوتنسكي الذي يعتبر المؤسس الفكري والأب الروحي لحزب الليكود.
وعندما استعاد العراق الكويت 2 آب 1990 كانت رؤية ولفويتز واضحة في أنه يجب استغلال هذه الفرصة لاكتساح العراق، ولكن خطته رفضت، وفي العام 1997 نشر مقالا بعنوان “الولايات المتحدة والعراق” يدعو فيه إلى الإطاحة بالنظام السياسي في العراق، وفي العام 1998 نشر مقالا بالمشاركة مع زلماي خليل زاد بعنوان “أطيحوا به” ويقصد نظام الرئيس صدام حسين، وقدم رؤية لمواجهة عسكرية بالتنسيق مع الشيعة والكرد في العراق، ويمكن برأيه لرائحة البترول أن تجذب الفرنسيين والروس لتأييد الخطة.
وعندما وصل حزب المحافظين إلى الحكم شرع فورا في تطبيق خطة ولفويتز، وكانت أحداث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول 2001 فرصة مناسبة لتطبيقها وبدعم مالي وسياسي وشعبي أسطوري، ونجح وولفويتز في دفع الولايات المتحدة إلى احتلال العراق وتدميره كما كان يحلم منذ السبعينيات، ولكنه نجاح كان جوهريا تدمير العراق عمرانيا واجتماعيا لصالح الطائفية وهزيمة للولايات المتحدة.
ما يلي تأكيد لهدف تدمير العراق على يد الإدارة الأمريكية بقيادة المحافظين الجدد وخاصة وولفويتز، فقد كتب مارك فيبر ما أكده السناتور الأمريكي إرنست هولينجز بأن هدف الحرب على العراق كان ضمان أمن الكيان الصهيوني عبر زعم أن ذلك يتم بدمقرطة المنطقة
ً “…بدأت بمقالة بترويسة “فشل سياسة بوش في الشرق الأوسط يخلق مزيداً من الإرهاب” والتي ظهرت في جريدة (Charleston daily Post and Courier, May 6, 2004 ) :
“وحيث ان العراق لا يشكل تهديداً، فلماذا غزو بلد ذا سيادة؟” والجواب: بأن سياسة الرئيس بوش هي أمن إسرائيل التي يقودها بول ووفويتز، وريتشارد بيرل وتشارلز كراوثهامر، فلعدة سنوات كانت هناك مدرسة تفكير تتقنع (كدومينو) بأن السبيل لضمان أمن إسرائيل هو فقط نشر الديمقراطية في المنطقة”[1].
لعل البدء بأمن الكيان الصهيوني وحده كافٍ لفهم مدى عدائية الولايات المتحدة للأمة العربية بمعنى أنها مع حماية هذا الكيان رغم أنه، بل لأنه يحتل فلسطين. أما ما هو أخطر بكثير من الموقف المعروف من جميع الإدارات الأمريكية وهو ما يتضح من سياسات هذه الدولة في عهد أوباما عن الحزب الديمقراطي، ما هو أخطر هو أن العرب وخاصة مثقفي الطابور السادس الثقافي، لا نقول الأنظمة والطبقات الحاكمة وخاصة أنظمة الدين السياسي لأنها ليست في حسبان اي موقف قومي، ولا نقول قوى الدين السياسي لأنها تُخرج الجغرافيا، اي الوطن من حساباتها وتتلهف على السلطة وقيادة الناس، نعم خاصة مثقفي الطابور السادس الثقافي الذين احتفلوا باحتلال احتلال العراق زعما منهم، كما الغُزاة الأمريكيين بأن الديمقراطية هي الحل!
وبالطبع، فإن الزعم من الولايات المتحدة بدمقرطة المنطقة هو لحماية الكيان وليس دمقرطة المنطقة، وهذا ما تمكن القليل من العرب من التقاطه قبل وخلال الغزو التدميري. أما مثقفي الطابور السادس هؤلاء، فبعد ان سال دم العراق بما لا يسمح ببقاء العراق عراقاً، فأخذ البعض منهم في الزعم بأن هدف امريكا لم يكن الدمقرطة فأخذوا في البكاء على العراق الذي “قَّودوا” لاحتلاله. والمثير للشك بكل معانيه بأن هؤلاء الذين يبكون تدمير العراق الذي أضحى اثرا بعد عين، يبكون في المقلب الآخر على أعتاب افدارة الأمريكية والصهيونية لاحتلال سوريا من أجل ” دمقرطة سوريا” بل ويشاركون في هدمها! قد تنفع هنا شطرة لمحمود درويش :”…يدعو لأندلسٍ إن حوصرت حلبُ” بتفسيرنا انهم بدل ان يقفوا مع سوريا يقفون في راس الخيانة ضد سوريا ويقرأون الفاتحة للعراق . لعل المصادفة أن حلب اليوم محاصرة! . إنهم هم وغيرهم يعودون إلى نفس الزعم تجاه سوريا:
- الوقوف في معسكر الثورة المضادة بقيادة الولايات المتحدة والكيان
- من أجل نشر الديمقراطية بدءاً بدمقرطة سوريا,
لا يتسع المجال لتوسعة هنا. لكن الدمقرطة التي غدت “قميص عثمان” في الوطن العربي، وخاصة بعد تدهور الأنظمة قومية الاتجاه، فهي دمقرطة مقصود بها فقط الدول قومية الاتجاه، وليس أنظمة الريع النفطي التي تُجمع البشرية بأنها مجرد قواعد للناتو ومهاجع ومضاجع ونهم استهلاكي.
لا تتحصَّل بلد على الدمقرطة بمجرد صدور تعليمات ودساتير وتصريحات بذلك، حتى لو سُمح بتشكيل أحزاباً إلا إذا توفر شرطين أو أحدهما على الأقل:
- وجود قاعدة صناعية تقوم على طبقة عاملة مجردة من الملكية الخاصة وتتمتع على الأقل بوعي نقابي تستخدمه في الإضراب او التهديد بالإضراب كي تجبر راس المال على تحسين ظروفها وأجورها وإلا فإن الإضرابات ، إن لم نقل الانتفاضات والثورات، سوف تقطع تواصل خط الإنتاج أي توقف الربح. لذا تلجأ البرجوازية مضطرة للديمقراطية السياسية كي لا تضطر أكثر للديمقراطية الاقتصادية.
- أو توفر مستوى من الوعي لحركة/ات سياسية، والثقافة لقطاعات واسعة من الشعب مما يسمح بديمقراطية سياسية.
لا شك أن الطابور السادس الثقافي يدرك أن الشرط الأول للديمقرطية التي يزعمون كان متوفراً في دول الأنظمة قومية الاتجاه (مصر العراق سوريا والجزائر). ولذا تم تدميرها او استكمال ذلك ما سنحت الفرصة. أي أن دول الريع النفطي هي بالمطلق خارج هذا الشرط، هذا ناهيك عن أن الشرط الثاني هو متوفر ببواكير في الدول قومية الاتجاه، وغائب بالمطلق في دول الريع النفطي[2].
ومن هنا، كان امتطاء الثورة المضادة لما يسمى الربيع العربي بعدوان متعدد الوجوه لسحق الدول قومية الاتجاه وليس لصالح انظمة الريع بل على حسابها وبمواطنين منها ومن بلدان عربية وإسلامية أُخذوا بتعبئة ثقافية وهابية وسلفية من جهة، وبتمويل هائل ليتحولوا إلى الأداة الحالية للثورة المضادة ضد الأمة العربية خاصة.
ربما يؤكد هذا ما ذهبنا إليه في غير موضع من هذا البحث بأن المشاريع والسياسات التطبيقية الأساسية للمحافظين الجدد كانت هي العدوان ضد العرب مما يبين الجذر الصهيوني الذي يحركهم.
“ولفويتز خليفة كيسنجر في قيادة وتصميم السياسة الخارجية للولايات المتحدة, كان أحد الذين ساهموا في صياغة إستراتيجية “التدخلات الوقائية والترهيبية” في مرحلة ما بعد كيسنجر، وربما كان المنظر الإستراتيجي الأول للمحافظين منذ منتصف السبعينيات.
وشغل ولفويتز لفترات طويلة منصب عميد كلية العلاقات الدولية في معهد جون هوبكينز للدراسات الدولية المتقدمة في واشنطن، وشغل أيضا في الحكم الديمقراطي مناصب مهمة، فقد كان بين عامي 1977-1980 مديرا للتخطيط السياسي في وزارة الدفاع، وواصل مشاركته في الإدارة الجمهورية مساعدا لوزير الخارجية لشؤون شرق آسيا والمحيط الهادئ بين عامي 1982-1986، وعمل بين عامي 1986-1989 سفيرا للولايات المتحدة الأميركية في إندونيسيا، وفي عهد جورج بوش الأب شغل منصب مساعد وزير الدفاع ديك تشيني للشؤون السياسية.
وفي عمله خبيرا في وزارة الدفاع كان يركز على احتمال تهديد حقول النفط في الخليج من قبل دولة إقليمية في المنطقة مثل العراق، وليس من قبل الاتحاد السوفياتي، واقترح في العام 1976 إقامة قواعد عسكرية جديدة في منطقة الخليج العربي، وحذر من تنامي إيران والعراق كقوتين إقليميتين. ولعل ما قام به كارتر عام 1980 حيث شكل قوات التدخل السريع أو ما اسمي “عقيدة كارتر” له علاقة وتأثر بما طرحه وولفويتز نفسه.
وطرح ولفويتز في العام 1992 نظاما إستراتيجيا أقر بالمشاركة مع ديك تشيني، وخبراء ومسؤولين مثل زلماي خليل زاد، وريتشارد بيرل، وأندرو مارشال، يقوم على ضرورة قيادة أميركية أحادية للعالم، ومنع ظهور أي قوة سياسية أو عسكرية منافسة للولايات المتحدة، وأن يكون حلفاؤها حلفاء ظرفيين وفقا للصراعات بما في ذلك الأمم المتحدة وحلف شمال الأطلسي.
فرنسيس فوكوياما: تأكيد تروتسكيتهم ويهوديتهم
لخص فوكوياما أربعة مبادئ أو خيوط مشتركة ميزت معظم هذه الأفكار المستنبطة من خلال نهاية الحرب الباردة: اهتمام بالديموقراطية وحقوق الإنسان، وبشكل أعم، السياسات الداخلية للدول؛ الاعتقاد بأنه يمكن استخدام القوة الأميركية لأهداف أخلاقية؛ التشكيك بقدرة القوانين والمؤسسات الدولية على حل المشاكل الأمنية الخطيرة؛ وأخيرا، فكرة أن هندسة اجتماعية طموحة تؤدي غالبا إلى نتائج غير متوقعة وهي تقوض بذلك نتائجها الخاصة[3].
يضيف فوكوباما: “…باستعادة الماضي، لم يكن للأمور أن تتطور على هذا النحو. تمتد جذور المحافظية الجديدة إلى مجموعة استثنائية من المثقفين، شريحة واسعة منهم من اليهود، الذين مروا بال “سيتي كولج أوف نيويورك” (سي سي أن واي) من منتصف وأواخر الثلاثينيات إلى أوائل أربعينيات القرن الماضي. وتتضمن هذه المجموعة ايرفين كريستول ودانيال بيل وايرفينغ هو وناثان غلازير، وفي وقت لاحق بعض الشيء، دانييل باتريك موينيهان. رويت قصة هذه المجموعة في عدد من الأماكن، كان الأكثر شهرة منها فيلما وثائقيا لجوزيف دورمان يدعى “ارغيوينع ذي وورلد”. كان الإرث الأكثر أهمية في مجموعة (سي سي أن واي) اعتقادا مثاليا بتقدم اجتماعي وعالمية الحقوق مقرونة بمعاداة شديدة للشيوعية[4]“.
خلال تورطه في تجميل المحافظية الجديدة وتمتعه بتفكك الكتلة الاشتراكية كتب فوكوياما:
“… ليس صدفة أن العديد من مجموعة (سي سي أن واي) بدأوا كتروتسكيين. كان ليون تروتسكي نفسه، بالطبع، شيوعيا، لكن أنصاره فهموا أفضل من أكثرية الناس الكليانية المطلقة للنظام الستاليني ووحشيته. تعاطف اليسار المعادي للشيوعية، على عكس اليمين الأميركي التقليدي، مع الأهداف الاجتماعية والاقتصادية للشيوعية، لكنهم بدأوا يدركون، في خلال ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضي، أن “الاشتراكية الحقيقية الموجودة” أصبحت عبارة عن فظاعة من النتائج غير المقصودة التي قوضت بالكامل الأهداف المثالية التي اعتنقتها. وفي وقت لم يصبح جميع مفكري ال(سي سي أن واي) محافظين جددا، كان خطر النوايا الجيدة التي دفعت إلى نهاياتها، الفكرة الرئيسية التي ستشكل ركيزة عمل العديد من أعضاء هذه المجموعة. المحافظية الجديدة[5]
لكن فوكوياما انتقل من متفاخر بنهاية التاريخ إلى تخلي انتهازي:
كما اشرنا لأقوال فوكوياما المؤيدة تماماً للمحافظية الجديدة، نجده بعد تأزمها وقد زعم ابتعاده عنها وتقديم تفسير لتداخل اللبرالية بالماركسية لينتج هؤلاء:
“…فسر العديد من الأشخاص كتابي “نهاية التاريخ والرجل الأخير” (1992) بأنه كتاب دعاية سياسية للمحافظية الجديدة باعتباره دافع عن الفكرة القائلة إن هناك توقا عالميا للحرية في جميع الناس سيؤدي بهم حتما إلى الديموقراطية الليبرالية، وإننا نعيش وسط حركة تحول تتزايد سرعتها لصالح الديموقراطية الليبرالية تلك. إن ذلك يشكل قراءة خاطئة للنقاش. إن “نهاية التاريخ” في آخر المطاف، نقاش حول الحداثة. ما هو عالمي بالأساس ليس الرغبة بديموقراطية ليبرالية، وإنما الرغبة بالعيش في مجتمع حديث أي متقدم تكنولوجيا ومزدهر والتي، إذا ما أشبعت، تميل إلى تحفيز مطالب بالمشاركة السياسية. الديموقراطية الليبرالية هي إحدى النتائج الثانوية لعملية التحديث تلك، أمر يصبح تطلعا عالميا فقط في سياق الزمن التاريخي.
بعبارة أخرى، يقدم “نهاية التاريخ” نوعا من الحجة الماركسية لوجود عملية طويلة الأمد للتحول الاجتماعي، لكنها عملية تنتهي بالديموقراطية الليبرالية بدلا من الشيوعية. بحسب صياغة العالم كين جويت، كان موقف المحافظين الجدد، الذي أوضحه أشخاص مثل كريستول وكاغان، على العكس من ذلك، لينينيا؛ اعتقدوا أنه يمكن دفع التاريخ إلى الأمام عبر الاستعمال الصائب للقوة والإرادة. كانت اللينينية مأساة في شكلها البولشيفي، وعادت كمسرحية هزلية عندما طبقتها الولايات المتحدة. لقد تطورت المحافظية الجديدة، كرمز سياسي وفكر، إلى شيء لم أعد قادرا على دعمه[6]“.
قد تكون القيمة الوحيدة في هذا الطرح هي وضع إصبعه على الشكل الهزلي ل “لينينية التروتسكيين” المزعومة، والتي ولدت بالطبع التورط في أحضان الولايات المتحدة الساعية للسيطرة على العالم باسم الديمقراطية ولصالح أممية السوق. لعلهم هنا حالة غريبة من دمج النطرية وتلويثها بأكاذيب اللبرالية الجديدة المتوحشة. لعل فوكوياما في حديثه هذا عن مأساة اللينينية في شكلها البلشفي استبطان غير واع لتهكمات تروتسكي على لينين.
ورغم محاولاته التنصل من المحافظية الجديدة بعد تأزماتها، فإن فوكوياما في كتابه “نهاية التاريخ والإنسان الأخير” قال بن الصراع الإيديولوجي انتهى وبأن وبأن الصراعات الجددة ستكون حول افضل الطرق لتهذيب اللبرالية الراسمالية والحصول على حصة افضل من الكعكة الدولية (نفس المصدر) أ ااأن الصراع الإيديولوجي انتهى، وبأن الصراعات المقبلة ستكون على ما هي افضل طرق هيمنة اللبرالية الراسمالية والحصول على اكبر حصة من الكعكة [7]“. لقد أغلق تطور التاريخ كما لو كان سادنه!
المحافظون الجدد امتداد مباشر ل تروتسكي
يدين بيرمان للتروتسكي سي.إل.آر جيمس بتاثير كبير. ومن بين المحافظين الجدد فإن نظير بيرمان هو ستيفن شفارتز، المؤرخ الذي كتابه الجديد “وجهي الإسلام”، هو نص مفتاحي لأولئك الذين يريدون من الولايات المتحدة أن تقطع علاقاتها بالسعودية. لقد امضى شفارتز سني حياته المفضلة في مجموعة تروتسكية إسبانية. وحتى اليوم، يتحدث شفارتس عن تاثير تروتسكي ويسميه “الختيار” ل.د اول حرفين من دافيدوفيتش برونشتاين، ويقول: “…إلى درجة كبيرة، لا زلت أعتبر نفسي أحد تلامذة تروتسكي” ، ويعترف ويلاحظ انه في دوائر محددة في واشنطن، فإن شبح تروتسكي لا يزال يحوم هناك. وفي حفلة في شباط احتفالا بصدور كتاب عن العراق تبادل شفارتز دردشة مع بول وولففتز عن تروتسكي، ومحاكم موسكو و ماكس شختمان.”…يقول شفارتز، لقد تحدثت مع وولففتز حول كل هذا، “. شمل حديثنا شختمان. فهو يعرف هذا كله، ولكنه لم يكن ابدا جزءا منه. ومن الواضح بأنه كان متنبها. التلاقي كان بين وولففتز وتروتسكي يبدو غريبا ومثيراً، لكن تاريخا طويلا ومحرفا يبين العلاقة بين يسار البلاشفة واليمين الديمقراطي. ولنفهم كيف أن بعض التروتسكيين انتهوا إلى مدافعين عن توسع الولايات المتحدة، من المهم ان نعرف شيئا ما عن ماكس شختمان. ان مسيرة حياة حواري تروتسكي الأمريكي المثير للجدل شختمان يقدم الشرح والدليل على المسار الذي حمل أناسا من المعارضة اليسارية لدعم البنتاغون… فمع حلول سبعينات القرن العشرين كان شختمان داعماً لحرب فيتنام وبموقف متشدد ضد الشيوعيين الديمقراطين مثل السناتور هنري جاكسون. كان لدى شختمان فريق من الشباب الأتباع (يسمون الشختمانيون) نشطاء في اتحادات العمال ولهم فريق غطاء يعرف ب الديمقراطيين الاجتماعيين. وحينما بدأ الشختمانيون يعملون لصالح السناتور جاكسون اقاموا علاقات مزيفة وقوية مع لبراليين متشددين في الحرب الباردة والذين كذلك نصحوا جاكسون، بمن فيهم ريتشارد بيرل وبول وولفتز، وهذين الإثنين لهما صلة أخرى بالتروتسكية، وكان منظرهم ألبرت وولستر، مثقف دفاع كان شختمانيا في اواخر الأربعينات، أما شختمان فمات عام 1972، ولكن أتباعه برزوا في مراتب الحركة العمالية وبيرووقراطية الحكومة. ونظرا لمعاركهم الطويلة ضد “الستالينية” كان الشختمانيون بارعون في الاستقطاب لتجديد النضال ضد الشيوعيين السوفييت التي بدات بقوة بعد حرب فيتنام. وخلال السبعينات فإن المثقفين المشبعين بتقاليد شختمان قد ملأوا صفحات مطبوعات المحافظين. وعليه، ففي الثمانينات وجد الكثير من الديمقراطيين الاجتماعيين انفسهم يعملون في إدارة ريغان، وخاصة جين كيركباتريك (التي كانت سفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة)، وإليوت إبرامز (الذي شغل سكرتير مساعد للدولة والذي كان متلطخا بتورطه في فضيحة إيران-كونترا”.
ليست يهودية بحتة وليس ذلك ضرورياً:
قد يميل البعض إلى وصف المحافظية الجديدة بأنها ظاهرة يهودية. وقد يساعدهم على ذلك أن كثيرا من مؤسسيها هم من التروتسكيين اليهود وبالطبع كالقيادة الصهيونية في الكيان معظمهم من الإشكناز. لننظر ما يلي:
“وفي حين ان معظم المحافظين الجدد المعروفين غالبا يهودا، ولكن من المهم الذكر، لما هو مهمل تماما بأن كثير ممن ينتمون حقا الى الحركة ليسوا يهودا. مثلا، مُوقِّعي بيان “رسالة الى الرئيس” عام 1998 المدافعين عن وجوب عمل اقوى ضد العراق ، وهو يعتبر عموما بيان المحافظين الجدد، والذي يتضمن تمثيل التيار السائد للرموز العامة فإن 23 من 40 من الموقعين ليسوا يهودا،طبقا لتقديرنا . متوفر على http://.iraqwatch.org/
لعل ما يهمنا في هذا البحث ليس عدد اليهود بل قرار المحافظين الجدد الرئيسي بتدمير العراق. وهذا نفسه الذي يفتح على المسألة الأساس وهي أن يهود وتروتسكيي المحافظين الجدد هم محرك العدوان على الدول العربية التي تشكل خط دفاع ضد الكيان الصهيوني. فالمحافظية الجديدة، وإن كانت يمينية جدا داخل امريكا، إلا أن سياساتها الاقتصادية ليست بعيدة في يمينيتها عن سياسات الديمقراطيين. ما نقصده أن السمة الأساس للمحافظية الجديدة هي في سياساتها العدوانية خارجيا وخاصة ضد العرب، وهذا ينتهي بالتخطيط أو النتائج لصالح الكيان الصهيوني.
“…وثيقة كلين بريك التي ارسلت الى نتنياهو لضمان امن المملكة، تقرير اعد 1996 من قبل معهد السياسات والاستراتيجيات المتقدمة “مجموعة دراسة لسياسة اسرائييلية حتى عام 2000” وقعها ريتشارد بيرل ودوغلاس فيث وديفيد ورمسر، وميراف ورمسر وجميعهم مع سياسة يمينية اسرائيلية يمينية جدا. ليس المهم أن اكثريتها يهودا أم لا، تروتسكيين أم لا. لكن نسبة كبيرة من الوجود القوي وربما المحرك الأساس هم من اليهود والتروتسكيين اليهود كذلك. ومع ذلك فإن قراءة هذه الظاهرة لا بد أن تركز على بعدين:
الأول: أن هذه الظاهرة هي وليد راسمالية المركز المتأخرة. إنها الشركاتية (المجمعين المدني والعسكري)
والثاني: إن مشاريعها التطبيقية سياسيا وعدوانيا، بعد الاقتصاد والسوق، هي تدمير الأنظمة العربية ذات التوجه القومي. (العراق، ليبيا، سوريا، اليمن…الخ).
إن الظاهرة نفسها هي ظاهرة من ظواهر او تمظهرات الرأسمالية المتأخرة وخاصة في لحظة مأزوميتها. لذا ليس غريباً ان يترافق نشاطها مع بداية الستينات حيث الأزمة الاقتصادية العميقة ولكن الناعمة التي تمظهرت في تدني معدل الربح والفشل في معالجته ومن ثم استمراره. وبالطبع، فإن سقوط المعسكر الاشتراكي قد أعطى المحافظية الجديدة دفعة قوة معنوية وهيبة سيطرة، ولكن هذا لم يحل المشكلة الاقتصادية في المركز عموماً.
بعبارة أخرى، فإن المحافظية الجديدة هي عملية تراكب بين مصالح الطبقة الراسمالية الحاكمة في الولايات المتحدة كطبعة راسمالية متوحشة تتشابه إلى حد التطابق مع النازية والفاشية سواء في فكر التفوق وإخضاع البشرية أو في صدمة المرحلة اي الأزمة الاقتصادية. هذا الأساس الراسمالي اللبرالي الجديد للمحافظية الجديدة هو الذي ولَّد عنصرية عرقية بيضاء وعنصرية إيديولوجية صهيونية مرتبطة بعمق ثقافي مع التراث السياسي والاجتماعي والطبقي للبرجوازية اليهودية.
______
تابعوا مجلة “كنعان” الفصلية على الرابط التالي:
http://kanaanonline.org/
تابعوا “كنعان اون لاين” Kana’an Online على:
- · “كنعان” بالعربية:
http://kanaanonline.org/
- · “كنعان” بالانكليزية:
http://kanaanonline.org/
- · “فيس بوك” Facebook:
http://www.facebook.com/pages/
- · “تويتر” Twitter:
http://twitter.com/#!/
- · موقع “كنعان” من عام 2001 الى 2008:
http://www.kanaanonline.org/
- الآراء الواردة في المقالات تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري “كنعان”.
- · عند الاقتباس أو إعادة النشر، يرجى الاشارة الى “كنعان”.
· يرجى ارسال كافة المراسلات والمقالات الى عنوان “كنعان” الالكتروني: mail@kanaanonline.org