وداعا ايها النمر .. نمر طنجير فدائي من فلسطين – نضال حمد
قدم الى لبنان نهاية السبعينات من القرن الفائت ملتحقا بحركة فتح فدائيا لأجل تحرير فلسطين. وفي احد احهزة امن فتح تعرف عليه اقرباء واصدقاء لي وبهذه الطريقة تعرفت انا بدوري عليه.
كانت ايامها العلاقات بين فتح وجبهتي جبهة التحرير الفلسطينية بقيادة الشهيد الفذ طلعت يعقوب ونائبه الشهيد ابو العباس، ليست بالجيدة ولا بالحسنة، وبالذات مع الجهاز الذي كان يخدم فيه الحبيب نمر. ووصلت الامور حد التصادم المسلح. مما وضعته ووضعتنا في مواقف لا نحسد عليها انا وهو واقرباؤنا المنتمين للجبهة ولفتح.
في صيدا وعين الحلوة تعرفت عليه وتوطدت العلاقة لتصبح صداقة. كنت واياه مع رفاق واخوة آخرين نشكل مجموعة أو شلّة من الاصدقاء. من هؤلاء الراحل فريد حمد، الراحل ماجد بليبل، الراحل عبد الرؤوف رفاعي، الاخوان علي خليل وعماد حمد.
يوم قدم نمر الى لبنان كان هادئا جدا و قليل الخبرة والمعرفة بواقع حالنا هناك وبأن الثورة ليست فقط ثورة وشرفاء واوفياء وثوار وفدائيين ومناضلين بل ايضا فيها محسوبيات وشلل وعصابات و شركات وفيها اسواق شراء وبيع ودكاكين، وسفلة ومدمني وتجار مخدرات وتجار وطن وشتات.
بعد مرور سنوات قليلة على تواجده في لبنان وحيث اصبح نمر واحدا منا ومن عوائلنا في مخيم عين الحلوة، تقدم نمر لخطوبة اختنا وقريبتنا سلوى فاروق خليل. وتزوجا وعاشا معا فترة من الوقت في صيدا، ثم مطلع حزيران يونيو 1982 جاء الغزو الصهيوني للبنان وحوصرت العاصمة بيروت نحو ثلاثة اشهر، دون ان يحرك العرب الذين باعوا وضاعوا ساكنا او يمدوا يد العون والمساعدة للشعبين الفلسطيني واللبناني، وعدنا انا ونمر وسلوى والتقينا من جديد في بيروت المحاصرة والملتهبة.
لقد جمعتني والاخ نمر صداقة ما قبل الغزو والحصار سنة 1982 وشاءت الصدف في حصار بيروت ان التقينا معا هناك طيلة فترة الحصار والصمود،. كان يخدم في موقع تابع لفتح قرب تلة الخياط وتلفزيون لبنان في بيروت. وبقي محاصرا طيلة تلك الفترة وانا كذلك، وكانت الاخت سلوى في مرحلة متقدمة من الحمل. و يوم الخروج من بيروت التقينا من جديد للوداع، فقد اتخذا قرارا بالرحيل عكس قراري بالبقاء. قررا نمر وسلوى الرحيل مع المقاتيلن الراحلين عن عاصمة المقاومة الى دول عربية عديدة، وكان نصيبهما مع دفعة اليمن الشمالي.والتي شاءت الصدف ان تكون آخر دفعة قدائييين تغادر بيروت المحاصرة بحرا.
التقيت بهما في الملعب البلدي ببيروت حيث كان يتجمع المقاتلون ومن هناك تنقلهم الشاحنات الى مرفأ بيروت، حيث تبحر بهم السفن الى العواصم العربية. رافقت دفعتهما الراحلة الى الميناء وودعتهما بعد ان التقطنا عدة صور تذكارية للتاريخ. ودعتهما بالدمع والعهد ومنذ ذلك اليوم لم نلتق.
اميس في 22-3-2015 رحل الصديق نمر تاركا الدنيا وما عليها من متاع ومن قرف ايضا. مضي الى حيث لا رجوع ولا اياب ولا عودة.
يصدمني الخبر لأن نمر قبل فترة سألني عن امكانية العلاج في النرويج. لكنه لم يتوسع كثيرا في الكلام عن الموضوع حين اجبته بأن هذا الأمر صعب التحقيق.
كنت وبقيت على اتصال متقطع وتواصل بالهاتف والفيسبوك مع اخي ابو محمد او ابو اياف .. وتابعت اخباره من خلال أهل زوجته في مخيمنا عين الحلوة.
وداعا ايها الصديق النبيل
ايها الرجل الشهم الجليل ..
ايها الطيب، النقيّ والوفيّ …
نضال حمد – اوسلو – 23-3-2015
* هذه الصورة المرفقة تاريخية بامتياز. تعود لحصار بيروت سنة 1982 ووداع آخر الفدائيين الذين غادروا بيروت نهاية آب – اغسطس 1982 . في الصورة انا والأخت سلوى فاروق خليل وزوجها الصديق الأخ نمر طنجير – ابو محمد- واسمه الحركي في ذلك الوقت – ابو اياف – مع مجموعة من المقاتلين والمقاتلات. بعد هذه الصورة باكثر من اسبوعين اصبت أنا في مواجهة الدبابات الصهيونية التي اقتحمت بيروت الغربية.
وداعا ايها النمر .. نمر طنجير فدائي من فلسطين – بقلم نضال حمد